دينية ، وبين علماء الدين ، فلا شأن للأمراء في ذلك ، ولم يتدخلوا بينهم.
ولما اتصل الشيخ محمد بمحمد بن سعود وتغيرت نظرية الأمراء وخافوا شره على أنفسهم من وراء هذه المحالفة الدينية السياسية ، وخصوصا الأمراء الذين لهم فضل قوة ، فهبوا لمقاومتها وعلى رأسهم دهام بن دواس ، فبدأت الحرب بينه وبين ابن سعود من سنة ١١٥٨ ه إلى سنة ١١٨٧ ه ، أي طيلة أيام محمد بن سعود وشيئا من ولاية عبد العزيز ، تبادل فيها الطرفان أكثر من ثلاثين غزوة ، قتل فيها من الفريقين نحر أربعة آلاف كما ذكره ابن بشر بتاريخه ، ومن بين هؤلاء القتلى فيصل ، وسعود ، ابنا محمد بن سعود ، وأخوة دهام الأربعة : تركي ، وفهد وشعلان ، وابنه دواس بن دهام ، وكان هذا آخر من قتل منهم سنة ١١٨٥ ه ، فلما قتل ابنه جزع عليه جزعا شديدا ، وخارت قواه وانكفأ نفسه التي ما كانت تعرف الخور ، وفترت همته وضعف عن المقاومة لكبر سنه ، ورأى أن الحرب قد طال وقوات خصمه تزداد قوة وقواته محدودة ، سيما وأنه قد انضم أكبر بلدان الوشم ، وسدير ، والمحمل والشعيب وكثير من بلدان القارة إلى ابن سعود ، وصار اتجاه هذه القوات إليه.
فرأى أن المقاومة لا تجديه نفعا ، وصعب عليه الانقياد لابن سعود والدخول تحت طاعته ، فصمم على مغادرة البلاد وتركها وشأنها قبل أن يستولي عليها ابن سعود عنوة فجمع رؤساء أهل البلاد في منتصف ربيع الثاني سنة ١١٨٧ ، وقال لهم : إن الحرب قد طال بيني وبين ابن سعود نحو ثلاثين سنة ، دافعت فيها قدر استطاعتي ، وأرى نفسي الآن قد ضعفت عن المقاومة لكبر سني ، واعتزمت الخروج بعائلتي من هذا البلد لابن سعود ، ولعل أن يكون في ذلك خير لكم. فعارضوه وأرادوا أن يصدوه