فلو تخلف أحد من البوادي بفرسه عن الغزو ، أو تخلف من تعين عليه الأمر من رؤسائهم أو من دونهم ، أدب أدبا بليغا وأخذ من ماله نكالا.
وإذا أراد أن يرحل قبيلة من قبايل بوادي نجد العظام كمطير وعنزة وقحطان ، أو غيرهم في أقصى الشمال ، يرحلون وينزلون في الجنوب أو الشرق ، أو الغرب لم يمكنهم مخالفته ، ونشأ على ذلك الصغير وشاب فيه الكبير.
وجلس يوما فيصل بن وطبان الدويش رئيس أعراب مطير ، والحميدي بن عبد الله بن هذال رئيس بوادي عنزة ـ وكان هؤلاء من أشد البوادي عداوة بعضهم لبعض ـ عند سعود في صيوانه وهو مقيم على بلد دويش ، المعروفة في ناحية القصيم وذلك في غزوة الحناكية سنة ثمان وعشرون ومائتين وألف.
وتنازعا بين يديه وتفاخرا وأظهرا نخوة الجاهلية. فقال أحدهما لصاحبه : أحمد الله على نعمة الإسلام وسلامة هذا الإمام الذي أطال الله عمرك بسببه بعد أن كان ... (١) لا يشبون ولا ينتهون إلى حده بل نقتلهم قبل ذلك ، وقال له الآخر : أحمد الله على نعمة الإسلام وسلامة هذا الإمام الذي كثر الله بسببه مالك ، وسلم عيالك ، ولو لا ذلك لم تملك على ما نالك ، ولا نزلته في تلك الديار ، ولا استقر بك فيها قرار.
فانتهض سعود وزجرهم ، وذكرهم ما أنعم الله عليهم بالإسلام والجهاد والجماعة والاجتماع على الصلوات والدروس ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وما أعطاهم الله في ضمن ذلك من الأموال وكثرة
__________________
(١) بياض في الأصل.