وكان ابن ثاقب قبل دعواه مصطفيا بعض أوباش أوغاد عقول لهم لأن يعينوه على أخذ يوسف بن زهير وتسليمه إلى حاكم البصرة ، فسعى ابن ثاقب إلى حاكم البصرة فصدّقه المغفل من غير أن يقيم دليلا على صدق دعواه ، خصوصا والدعوى على غائب لا تسمع ، فالمتسلم رفع القصد إلى داود باشا ، فلما شاع خبر السمّ أخذ يوسف بن زهير في التحذر ، وانضم إليه كل من له عليه معروف ، وتحيّز في بيته من يغضب لغضبه ، ويعيش بسببه.
فلما علم ابن ثاقب أن عدوّه تحذر وأنه في حصن من [٥٤] الرجال لا يمكن افتراسه ، ولا يمكن إيقاع المكيدة به ، أمر الزمرة الأوغاد التي اصطفاهم أن يهجموا بسلاحهم ليلا على ابن زهير في داره ، فلما مدّ الليل رواقه تجمعوا وأرادوا الهجوم على ابن زهير فأحسّ بهم خدّام ابن زهير قبل أن يصلوا إلى باب داره ، فتقاتلوا وقتل من أتباع ابن ثاقب ، وانهزم الباقي ، ورجعوا خائبين ، ثم دخلوا البصرة ، فأخرجوا منها بأمر داود باشا حذرا من تفاقم الفتنة وضرر الناس.
فنزل ابن ثاقب وأتباعه قريبا من نهر معقل ، ومتسلم البصرة إذ ذاك محمد كاظم أفندي ، فما زال ابن ثاقب في منزله حتى هجم عليه رجال كثيرون في الليل ، وأرادوا قتله فانشبك القتال بين الفريقين ، وقتل من قدر الله عليه بالشقاوة ، إلّا أن ابن ثاقب سلم وانهزم حتى عبر الفرات ، وجعل يكاتب من يساعده من أصحابه ، وأكثر من كان يساعده سرّا وجهرا متسلم البصرة محمد كاظم أفندي ، فإنه صرف في تأييده جهده وكثيرا يخبر الوزير المترجم بصحة دعوى ابن ثاقب ، ولما ورد حمود بن ثامر من البادية خدع يوسف بن زهير بمودته.