وفي سنة ١٢٣٤ ه (أربع وثلاثين ومائتين وألف): أمر الوزير داود باشا صالح آغا الكردي أن يخرج إلى النجف بطائفة من العسكر لتأديب بعض طوائف هناك خارجين عن الطاعة ، ويلزمهم بالخراج كسائر العشائر ، فتوجّه صالح آغا الكردي ، فلما بلغ المشهد تقاتل هو وابن دبيس ، فكانت الهزيمة على ابن دبيس وقومه ، فقطع رأس ابن دبيس وأرسله إلى بغداد ، وأرسل الباشا خلعة تولية مشهد علي إلى محمد طاهر أفندي.
ثم إنه بلغ الباشا أن جليحة وعفك والصقور عادوا إلى الطغيان وسلب [٤٦] الأمنية ، فجهّز عليهم عسكرا ، ورئيسهم محمد بيك الكتخدا في ثاني المحرم الحرام ، فلما وصلوا إلى ذي الكفل عليهالسلام ، ورد عليهم ابن قعيشيش حمدان وابن هدال ، وابن أخيه فواز ، وخمسة عشر رجلا من كبرائهم ، فما وسع الكتخدا إلّا أنه كبلهم بالحديد وأرسلهم إلى بغداد ، فانتظمت أمور المملكة ، وسكنت الفتنة ، وشاع الأمن في الرعية.
وفي أثناء زحف الكتخدا بلغه أن عرب ابن هدال وعبد الله بن حريمس من عنزة أقبلوا في عير ليكتالوا ، فأمر الكتخدا شيخ خزاعة ، وشيخ البطيح أن يستأصلا ذلك العير ، ونزل العسكر الديوانية ، واشتغلوا بنصب الجسر منتظرين خزاعة والبطيح المأثورين بقتالهم ، فبلغ الكتخدا أن الفريقين التقوا على غير ميعاد واشتغلوا بالقتال من الصبح إلى المساء ، فكانت الهزيمة على عنزة ، وغنم منهم الخزاعيون إبلا ، ووفدوا على العسكر بالغنائم ، وارتحل الجميع وعبروا اليوسفية الحائلة بين العسكر وبين جليحة وعفك ، فاجتمعت القبيلتان على قتال الكتخدا.