الجديد إلّا وجاء خبر وصول الرئيس إلى بغداد ، وأن الوزير متحيّر في ذلك ، ولم يدر أهو جاء بعزله أم جاء لغرض آخر ، فبعد ما جلس الرئيس في بغداد بعض أيام ، وهو خائف لم يبرز الأوامر التي بيده إلى الوزير بعزله ، فما كان منه إلّا أنه ركب جواد الفرار ، وطار من بغداد لأوهام اعترته من الوزير ، فلما وصل الموصل استصرخ بعبد الرحمن باشا وأكراده قائلا أن الوزير سليمان باشا عصى ورفض أوامره الدولية العلية ، والحال أنه لم ينطق من أوامره ولا ببنت شفة.
فما وسع عبد الرحمن باشا إلّا مساعدته لتنفيذ الأوامر السلطانية الواجبة الإطاعة. والفرامانات الخانقية المفروض تعظيمها ، فلما وصل الرئيس إلى بغداد ومعه عساكر الموصل والأكراد ، ومعه أيضا عبد الله بيك ، وطاهر بيك ، اللذين نفيا قبلا إلى البصرة ، فخرج الوزير عليهم للمحاربة فخزله أنصاره ، وجبن عساكره ، ففرّ هاربا قاصدا شيخ المنتفق حمود بن ثامر فاجتاز بقبيلة الدفافعة ، فقام عليه أحدهم وضربه برصاص فقتله وهو ضيفهم ونزيلهم.
فلما شاع خبر موت الباشا كثر عليه الأسف من القاصي والداني لحسن سيرته وعدله ، وشفقته على الضعفاء.
وفي سنة قتله تولّى الوزارة عبد الله باشا الذي كان منفيّا إلى البصرة ، وفي السنة التي بعدها قتل سليم بيك الذي كان متسلّم البصرة ، وقتله عبد الله باشا وطاهر بيك ، لأنه سعى في حياتهما ، وذلك أن سليمان باشا لما نفاهما [٣٧] إلى البصرة أرسل أوامر لسليم باشا بقتلهما ، فحاول سليم باشا حتى هرّبهما ونجّاهما ، وأعطاهما من عنده مالا ليتوصّلا إلى بلاد الأكراد حيث يأمنان على أنفسهما.