وأنارت الدنيا بعدله وعزمه وهمته ، وجدّد للدولة اسما بعد ما درس رسمها ، وآلت إلى الزوال من تغلب الكفار من الخارج ، وعصيان الدربيهات من الداخل ، وخروج الوهابي بأرض العرب فأشرفت المملكة على الزوال لو لا أن الله منّ به على الإسلام والمسلمين.
ومن مناقب السلطان محمود التي يفتخر بها على سائر الملوك إزالته رأس المبتدعة الوهابي الخارجي من أرض العرب ، وتطهير الحرمين من تلك النجاسات بعد ما ملكها الوهابي نحو سبع سنوات ، فأمر السلطان محمود محمد علي باشا والي مصر الكوللي أن يجهّز جيشا لإزالة الوهابية من سائر أرض الله ، وذلك بعد ما استولى الوهابي على الحرمين ، ونهب جميع ما في الحجرة من الذخائر والجواهر ، ومنه حجاج مصر والشام على أنهم [٢٣] مشركون ، فلا يقرب المسجد الحرام بعد عامهم هذا.
ثم إن محمد علي باشا شمّر عن ساعد الجدّ في خدمة السلطان ، وأرسل جيشا عرمرما ، ورئيسه أحمد طوسون باشا ابنه ، وذلك سنة ١٢٢٥ ه خمس وعشرين ومائتين وألف ، فمن قدر الله الذي لا يرد ، أنه لما وصل طوسون باشا إلى ينبع عزم على الرحيل إلى المدينة المنورة ، فكانت عساكر بن سعود متجمعة في الصفراء من أرض الحوازم ، فنشب الحرب بين الفريقين في الصفراء ، فأولا كانت الهزيمة على الوهابيين ، ثم في آخر النهار جاءهم مدد وهم عرب الظواهر ، وشيخهم ابن مضيان ، فتقوّى به عضد سعود ، ولمّ جموعه ، وهجم على الروم ، فلم يسع الروم إلّا الرجوع وتركوا أثقالهم ، ووصلوا إلى ينبع ، وتحصّنوا فيها.
وكتب أحمد باشا طوسون لوالده محمد علي باشا يخبره بما وقع ،