وفي سنة قتل الوزير علي باشا قدم إلى البصرة العالم النحرير الذي فاق في سائر العلوم معاصريه عالم المدينة على الإطلاق مولانا السيد زين جمل الليل أبو عبد الرحمن ، ولما شرّف [٣٢] بلدتنا سلّمت عليه ورويت عنه الحديث المسلسل بالأولية ، وقرأت أوائل الكتب الستّة ، ورويت عنه الثبت المسمّى بالأمم للشيخ أبي الطاهر إبراهيم بن حسن الكوراني المدني ، وكتب لي إجازة دالة على طول باعه في العلوم الحديثية.
ولما ورد بغداد في حياة الوزير علي باشا أفاد وأجاد ، وأكرمه الوزير بما يليق بأمثاله ، وبالغ في إكرامه وأعلا مقامه ، ومما أكرمه به الوزير علي باشا ، أنه أمر بإرسال مال جسيم إلى المدينة المنورة يشتري له بها عقار ، ويوقف على السيد زين جمل الليل ، لكن اخترمته المنيّة قبل أن يوفي بمرامه.
وأما ابن أخته سليمان باشا فلم يوف بوصية خاله ، وممن استجاز من السيد زين جمل الليل داود باشا المترجم ، فأجازه برواية البخاري وفتح الباري ، وأمره الوزير سليمان باشا بعد ما توفي خاله ، بقراءة البخاري على رؤوس الأشهاد ، حتى يتميّز علمه بين الناس ، ثم رجع من بغداد على طريق البصرة فلازمته وانتفعّت به ، ثم رجع إلى المدينة في السنة ١٢٢٢ ه الثانية والعشرين ومائتين وألف.
وفيها تولى بغداد سليمان باشا ابن أخت علي باشا السابق وفيها تسلطن السلطان مصطفى العثماني بعد ما قتل السلطان سليم.
وفي السنة ١٣٢٣ ه (الثالثة والعشرين ومائتين وألف): ورد إلى بغداد خبر سلطنة السلطان محمود ابن السلطان عبد الحميد خان العثماني