الغزاة بالغنيمة علي الكتخدا تقوّى ساعد الكتخدا واجتهد في الرمي على القلاع ، ولكن الأطواب لا تعمل في القلاع لصلابة طينتها ، وهكذا غالب بلاد القصيم طينتها صلبة جدّا ، والظاهر أن نصحاء الكتخدا خانوه وأوهموه أوهاما فاسدة ، حتى إنه فرّ [٢٤] هاربا راجعا إلى العراق ، وذلك لأن الباشا صرف أموالا جمّة على العرضي ، والكتخدا أسلم أموره لبعض الخون فخانوه في الصرف وأكلوا أكثر الأموال ، وصرفوا القليل ، فلهذا عمدوه على الهرب لكي يتم ملعوبهم ، فلما أخذ في الفرار هو وعسكره وسائر أعراب العراق تبعه ابن سعود بعسكره ولحقه في محل يقال له ناج ، ونزل ابن سعود في الحنا ، فبينما الفريقان يتحاربان ، إذ لانت شكيمة رؤساء العساكر للصلح ، وصاروا يبكون للكتخدا ويفهّمونه قوة ابن سعود ، والحال أن الأمر على خلاف ذلك ، إنما من أبطر الخيانة تيقّن أن عساكر ابن سعود لا زاد معهم ، وأن مآلهم أن يهربوا ، فما أراد الفشيلة على صديقه وابن عمه في الباطن ، بل حسّن للكتخدا أن الصلح أوفق والكتخدا غلام غرء سلّم أموره لأعدائه وهو لا يشعر ، وقتل قبل ذلك خالد بن ثامر أخو حمود ، فلم يؤاخذ ثأره ، ثم ورد كتاب على الكتخدا من سعود يقول فيه : من سعود إلى ابن عبد العزيز إلى علي ... أما بعد : فما عرفنا سبب مجيئكم إلى الحسا ، مع أن الحسا روافض ، ونحن جعلناهم بالسيف مسلمين ، وهي قرية ليست بداخلة في حكمكم ، والذي يحصل منها قليل بالنسبة إلى تعبكم ، ولو أن جميع أهل الحسا وما يليها يدفعون إليكم كل ما يملكونه من دراهم وغيرها لما يعادل مصاريفكم في هذه السفرة فقط ، وما كان بيننا وبينكم من المضاغنة إلّا ثويني ، وقد لقي جزاءه ، فالآن مأمولنا المصالحة وهي خير لنا ولكم سيد الأحكام.