فنفر منهم عثمان باشا وانهزم ورجع إلى والي بغداد وطلب منه العفو فمنحه إياه وأقطعه بعض قرى لينتفع بها بقرب بغداد ، وفي تلك السنة ارتكب العصيان والخروج محسن الخزاعي ، فأنذره الوزير فلم ينفعه النذر ، فحاربه الوزير ، واشتبك العسكران فكانت الهزيمة على محسن وربعه ، وتشتتوا شذر مذر ، ونهبت أموالهم وانتهكت حرماتهم فحينئذ ألبس الوزير حمد بن حمود خلعة إمارة الشامية علاوة على مشيخة الجريرة ، ورجع الوزير إلى بغداد محل عزّه وخلافته.
وأما السنة الثانية عشر لولادة المترجم ، وهي السنة ١١٩٩ ه (التاسعة والتسعون ومائة وألف) : وفيها ورد بغداد المشير داود باشا [١٢] بعد أن تربّى في بلده إحدى عشرة سنة ، وفيها عصى وخرج على الوزير حمد بن محمود الخزاعي ، وما غرّه إلّا حلم الوزير وإكرامه له ، فكفر النعمتين ونسي إلباسه الرياستين ، فجرد عليه الباشا العساكر ووصله إلى أرض الخزاعل فتحصّن حمد بن حمود بالمياه كما هي عادة عرب تلك الديار لخلوها من الجبال والقلاع ، فما شعر عسكر الوزير إلّا والمياه سالت عليهم أيضا ، وذلك أن حمد بن حمود كسر عليهم السدود وهم لا يشعرون ، فكادت المياه تفزع العساكر ، لكن لنباهة هذا الوزير استدرك الأمر ونقل العساكر إلى أماكن عالية لتسلم من المياه ، ثم سافر الوزير وقصد الحسكة يتحصن فيها العساكر ، ودبّر أمره في سدّ منبع هذه المياه من الفرات ، فسدّه سدّا محكما فبينما هو عازم على محاربة الأشقياء إلّا وبلغه أن عجم محمد جاء وانضم إليه عساكر حمد بن حمود ومن معه ، فتشوش خاطر الوزير لذلك ، ولكن وصول هذا الخبر إليه ، كان حمد بن حمود أرسل إلى الوزير يطلب الصالح ، وكان الوزير ممتنعا ، فلما بلغه