السنوات الهجرية |
الوقائع والوفيات |
|
وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ) [محمد : ٣١] ، قضي الأمر واستلمت المدينة المنورة وجدة وجميع المواني الحجازية ، وانتهت هذه الحرب التي شغلت أفكار المسلمين وكثير من غيرهم مدة ستة عشر شهرا ، لا شيء سوى حكمة أرادها الله وجنايا اقتضت حكمة إظهارها قدرة الله وجلّت حكمته ، فإنه لو انتهت هذه الحرب من أول الأمر لم تحصل هذه الرجّة التي حضنت العالم الإسلامي ونبّهت شعوره إلى أصول دينه ، وألفتت أنظارهم نحو الحجاز مهبط الوحي ، ومنبع النور الإسلامي ، وخفيت حقائق المسلمين والمنافقين الذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ، والخائنين الذين يتظاهرون بحب الوطن وهم أعداؤه ، ولكن أبى الله إلّا أن يميّز الخبيث من الطيب (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ) [محمد : ٢٩] ، أبى الله إلّا أن يطهّر الحجاز من الأدناس والأرجاس ، وأن يجعله كما أراد أن يكون مثابة للناس وأمنا ، وسيكون بحول الله وقوته منبع العلم والحكمة ، وموردا تتقى منه الفضائل والأخلاق ، ومرآة تنعكس فيها حقيقة الإسلام فتتجلّى بأجلا مظاهرها إلّا أن هذا الأمر يحتاج إلى تعب عظيم وعناء كثير وسهر طويل وبذل بسخاء. |