فلما كان في بعض الأيام ، بلغ فيصل أن بعض قومه وجنده الذين كانوا معه من أهل العارض يكاتبون الدولة بخيانة فيصل ، فرحل من الخبرا ونزل عنيزة أيضا مرة ثانية ، وأقام فيها ستة أيام أو سبعة ، ثم رجع إلى بلده الرياض. وأتى يوم نزوله ريح شديدة عاصفة ، كادت أن تقلع النخيل من شدتها ، ورجع إلى العارض ، وأقام فيها مدة أيام ، ثم رحل من العارض ، ونزل الأحساء.
فلما سمعت الدولة أنه رحل من الخبرا ، وأتوا إليها ، فنهبوا بيوتا منها ، وآذوا أهلها. ثم إنهم أرسلوا إلى عنيزة رجلا مصريا ، يقال له : محمد ناصر ، على أن ينظم الصلح بينهم وبين أهل عنيزة ، فلما قدم إليهم ، ذهب معه جماعة من أهل البلد إلى الدولة ، ومهم أخو الأمير يحيى بن سليم. وكان يومئذ هو واليها. فأقاموا في الخبرا بعد قدومهم أيامّا ، ثم أهدت إليهم الدولة هدايا ، ورجعوا إلى عنيزة ، قد تم الصلح بينهم وبين الدولة.
ثم أتت الدولة إلى عنيزة ، وأقاموا فيها مدة أيام ، قريبا من شهر ، ثم رحلوا ، وتوجهوا إلى العارض ، وانتظم الصلح بينهم وبين أهل العارض.
وأقاموا في العارض مدة ، ثم أتوا إلى الخرج ، واصطلحوا معهم. ثم توجهوا إلى الحريق ، وأتوا إلى قرية من قراها تسمى : الحلوة ، فنهبوا بيوتها. وخرج أهل البلد منها ، فسمع أهل الحريق الخبر ، فأقبلوا نحوها ، ومعهم أربع أو خمس رايات. فالتقت الفئتان فيها قبل الظهر ، فاقتتلوا ، فنزلوا قرية من قرى العارض ، يقال لها : الرياض ، وذلك في جمادى الأولى سنة ١٢٥٣ ه.