وكانت هذه الوقعة وسعود إذ ذاك قد سار بجيوش العارض ونواحيه ، وظاهر أمره يريد مقر الشمال ، فحين بلغه الخبر والبشارة توجه إليهم ونزل العقيق ، والربيعان وقت الحج ، وجميع الحواج في مكة : الشامي ، والمصري ، والمغربي ، وأمام مسكه وغيرهم في قوة هائله وهموا بالخروج على سعود ، والمسير إليه لقتاله ، ثم تخادلوا ، ومرج أمرهم وانصرفوا لأوطانهم وانهزم غالب الشريف إلى جده ، ومن تبعه من عسكره ، ومعه خزائنه ، وبعض متاعه وشوكة. ودخل الأمير مكة واستولى عليها وأمن أهلها ، وبذل فيها من الصدقات والصلاة لهم ، وأمر فيهم عبد المعين بن مساعد ، وأخذوا وادي فاطمة ، وسار إلى جدة ونازلها ولم يحصل منها على شيء ورجع ورتب عسكر في مكة قصرين من قصور الشريف مرابطين.
وفي سنة ١٢١٨ ه : في العشر الأواخر من رجب قتل الإمام الرئيس العادل عبد العزيز بن محمد بن سعود في مسجد الطريف ، وهو ساجد في أثناء صلاة العصر : مضى إليه من الصف الثالث رجل عراقي لا يعرف له بلد ، ولا نسب ، شيطان في صورة درويش ، ثم تبين بعد ذلك أنه رجل كردي من أهل العمارية : اسمه عثمان ، أقبل من وطنه لهذا القصد مختبئا ، وأبدى ذلك لعلي باشا ، وتوجه لقصده حتى بلغ مراده وطعنه في خاصرته أسفل البطن بخنحر معه ، قد أعده وتأهب للموت. فاضطرب أهل المسجد وماج بعضهم في بعض ، ولم يدروا الأمر ، منهم المنهزم ، ومنهم الواقف ، ومنهم الكار على جهة هذا العدو العادي غير متلعثم ، لما طعن الإمام المذكور أهوى على أخيه عبد الله وهو في جنبه ، وبرك عليه ليطعنه فقام ولابسه ، وتصارع هو وإيّاه وجرح عبد الله جرحا شديدا ، ثم أن