ينتظرون خروج الفرنسيس ، والفرنسيس قد حشدوا في إخراج أموالهم وضعف لهم ليركبوا في مراكب لهم في البحر ، وصاروا يحملون إلى المراكب بجهدهم من ضعفائهم وحرحاهم ، وأموالهم.
وفيها عدة عديدة منهم ، وقد ثبت دواعيهم الوزير أن يخرجوا بأموالهم وضعفائهم إلى مراكبهم في البحر ، وقد هلك في هذه الوقائع منهم خمسون ألفا ، وبقي مثلها. فبينما هم على هذه الحال عدا على مراكبهم الانجليز وجرفوها وغرق من فيها ، فثارت الحرب بين الفرنسيس الذين في مصر ، وبين الباشوات الذين أرصدوا عندهم فحصروا الباشوات ، وحصروهم ، فصار الكل محصورا ، واستمر الحصار أربعة وثلاثين يوما ، وضج أهل البلد على الباشوات ، وقد فني ما عندهم من الزاد ، والبارود ، والرصاص فوقعت الهدنة على أن تخرج الباشوات من مصر ، ومن أراد الخروج معهم فخرج عثمان باشا ، وخرج معه أعيان مصر وتجارهم ما ينوفون على تسعين ألفا. وقد توجّه بعض الفرنسيس إلى من هو بالسويس مقيم من الرعايا ، فقتلوهم ونهبوهم ، وكان هذا الأمر كله من سوء تدبير هذا الوزير يوسف باشا ، فإنه حين صالح النصارى على الخروج أمهلهم هذه المهلة التي هي عين الضرورة ، وتمام التقصير أنه رحل من ساعته إلى يافا يجمع بها غنائم وأمواله ، وضيّع الحزم.
وأما عثمان باشا ومن معه فتوجهوا إلى الشام ، ثم إن النصارى بعد خروجه سمروا الجامع الأزهر حتى لا تقام فيه صلاة ، ولا ذكر وقتلوا بعض العلماء ، وأخرجوا بعض أهل مصر وعاقبوهم على انحيازهم إلى الباشا ، ثم بعد ذلك في سنة خمسة عشر أحرقوا بولاق ، وقتلوا من فيها ، وأخذوا أموالا كثيرة منها ، وهذه البلد هي ساحل مصر. وأرخ بعض أدباء