القصري ، وجمال الدين المطري ، وعبد الله الحمداني ، وجماعة الخدام الذين تقدم ذكرهم لك ، ومثل هؤلاء السّادة كثير.
وكان في صحن المسجد الشريف صفوف عليها جلالة ومهابة وخفارة ، يستحي الإنسان يمر بين أيديهم ، كان في وسط الحرم صفّ للقرشيين الجمالين ، والصيحانيين شيوخا حسانا بشيبات حسنة ، مبيضين ثيابهم يحيكون عمائمهم ، عليهم هيبة وسكون ووقار.
منهم جمال القرشي جدهم الكبير ، وحسين القرشي ، وأحمد القرشي ، وأولادهم وأولاد أولادهم مثل يعقوب بن جمال ، ويوسف بن جمال ، وكان يجلس إليهم جماعة حالهم مثل حالهم.
وصف آخر دونهم للبصريين والجزريين ، وصف آخر للعمريين ، كان شيخهم نور الدين علي بن مطرف يجلس عن يمينه وشماله أكابر العمريين ومشايخهم ، ذوو أبّهة وهيبة وصور جميلة.
ثم صف آخر للمشايخ من الفقراء المتنسكين المجاورين في رباطاتهم ، كشيوخ العجم على حدة ، وشيوخ المغاربة على حدة.
وصف آخر للخدام المحبرين على نسق من تقدم من هيئاتهم وصفاتهم ، كأن تلك الصفوف سرج من نورهم وجلالتهم.
وكان في الرواق الشرقي جماعة من أعيان الفراشين ، من أهل الخير والصلاح ، وعظم المنزلة.
منهم : الشيخ علي الفراش (١) كان من الفقراء الجياد المجردين له رواية وسماع قديم ، وسمع الناس عليه كثيرا وله خدمة للمشايخ الكبار ، وحضر وقعة عكا فأبلى فيها بلاء حسنا ، وكان يحكي عنها عجبا ، كان فيه من الأنس والحكايات المعجبات وأخبار الصالحين ما لا مزيد عليه ، وكان يحاول النجارة والبناية والحجارة ، وكلّ ما دخل فيه من الأعمال أتقنه وأحكمه ، لم أدرك في الفراشين مثله ، رزق ذرّية صالحة محفوظين مباركين قرّامهم ، وأولادهم من بعدهم ، وفيهم من هو مشتغل بالعلم على مذهب
__________________
(١) ذكره في «التحفة اللطيفة» ٢ / ٣٠٩ (٣١١٤) ، نقلا عن ابن فرحون.