زلزلة عظيمة إلى أن اضطرب منام المسجد بعضه ببعض ، وسمع لسقف المسجد صرير عظيم ، ثم بعد ذلك انقطعت الزلازل وانبجست من الأرض نار عظيمة ، كان ابتداؤها مثل مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم تزايدت حتى صارت مثل المدينة العظيمة ، وما ظهرت لأهل المدينة إلا ليلة السبت فاشفقوا منها إشفاقا عظيما.
قال القاضي سنان : وطلعت إلى الأمير ، وكان عزّ الدين منيف بن شيحة ، وقلت له : قد أحاط بنا العذاب ارجع إلى الله تعالى ؛ فأعتق كل مماليكه ، ورد على الناس مظالمهم.
زاد القاشاني : وأبطل المكس.
قال سنان : ثم قلت للأمير : انزل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فهبط. وبتنا في المسجد ليلة الجمعة ، وليلة السبت ومعنا جميع أهل المدينة ، حتى النساء والصغار ، ولم يبق أحد في النخيل. حتى جاء إلى الحرم الشريف وبات الناس يتضرعون ويبكون ويصلون ، وأحاطوا بالحجرة الشريفة ، كاشفين رؤسهم وأقروا بذنوبهم وابتهلوا إلى الله عزوجل واستجاروا بنبيه صلىاللهعليهوسلم ، وأخلصوا إلى الله تعالى وتاب كل من في المدينة.
ثم ظهرت النار لها ألسن تصعد في السماء أكثر من علو ثلاث منائر ، ثم ظهر لها دخان عظيم في السماء ينعقد حتى يصير كالسّحاب الأبيض ، وبقيت السماء كالعلقة ، والناس في مثل ضوء القمر وألسنة النار حمر طالعة تظهر في الليل مثل المشاعل ، وأيقن الناس بالهلاك ، وبقيت على حالها تلتهب التهابا عظيما وهي كالجبل العظيم وكالمدينة عرضا ، يخرج من وسطها مهود وجبال نيران تصعد في السماء ثم تهوي فيها ، ثم تخرج كذلك ثم تعود ، وحسه كالرعد ، وبقيت كذلك أياما ثم سالت سيلا نارا في وادي احيليين ، موضع شرقي المدينة بالحرة ، وراء قريظة على طريق السوارقية مسيرة من الصبح إلى الظهر ، وتزايد ذلك السيل من النار وسد الطريق ثم طلع إلى الحرة وهو بحر نار يجري ، وفوقه حرة تسير إلى أن قطعت وادي الشظاة وسدت طريق الماء ، والحجارة مع النار تتحرك وتسير وهي تأكل الحجارة وتذيبها ، ثم صار يخرج من النار حجارة ترمي بها خلفها وأمامها حتى بنت لها جبلين خلفها وأمامها ولذلك انسد طريق الماء ، ولها صوت