وأما الشيخ إبراهيم المكناسي ، فكان والده من أصحاب الشيخ أبي محمد البسكري رحمهالله ، وقد تقدم ذكر ذلك ، وكان إبراهيم على طريقة حسنة وديانة وعزلة ، وكان حافظا لكتاب الله صيتا حسن الصوت والأداء ، وكان من القراء في سبع ابن السلعوسي ، ومن أحسنهم مراسلة وموافقة للجماعة ، وخلف أولادا قراء نجباء مشتغلين بالعلم ، عاشوا بين الناس بعفتهم وعقلهم وصيانتهم ، وأعلاهم في ذلك منزلة الفقيه عبد الله (١) ، له ورع وديانة واشتغال بالعلم. توفي والدهم رحمهالله في سنة سبع وأربعين وسبعمائة.
وأما الشيخ أبو عبد الله البسكري فكان من المشايخ الصلحاء الأخيار ، مكبا على الاشتغال بالعلم والعمل ، كثير العبادة والعزلة. وكان من أعيان جماعتنا في الدرس ، وكان هو قارىء الدولة في التهذيب ، واشتغل وحصل وكتب بخطه كثيرا وخلف ولدا مباركا.
وأما الشيخ الصالح أبو الحسن علي وأخوه أبو عبد الله محمد السلاويّان ، فكانا على قدم عظيم في العّفة والديانة والانقطاع عن الناس ، وكان الشيخ علي مشتغلا بالعلم وله محفوظات في فنون من العلم. وكان يشتغل بالخياطة ويتقنع بما يفتح الله تعالى عليه فيها ، وكانا على قدم الشيوخ الذين ذكرناهم أولا ، ولهما عقب صالح نشؤوا في عبادة الله تعالى ، والاشتغال بالعلم والتبهدل في الطريقة ، والعفة وحسن السريرة ، والانقطاع عن الناس ، وفقهم الله تعالى وأعانهم.
وكان من إخواننا وأصهارنا الشيخ شهاب الدين أحمد بن بالغ المصري (٢) ، كان من أكرم الناس وأحسنهم خلقا ، وأبذلهم لما في يده ، وأحبهم في الاجتماع بالأصحاب ولو غرم عليهم المئين من المال ، وكان يسعى في دنياه بتعفيف ودين ورضى بما قدر وقسم ، وكان يخدم الشريفة
__________________
(١) ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ٢ / ١٦ (١٩٥٧).
(٢) ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ١ / ١٠٣ (١٧٤) ، نقلا عن ابن فرحون ، «المغانم المطابة» الورقة ٢٣١ / أ.