أمرهم ، بل هو مشغول بنفسه وبالقيام بوظائفه مع البهدلة في ملبسه وحاله كله مبهدل.
وكان قدومه إلى المدينة في سنة إحدى وعشرين وسبعمائة ، ورغب ابن أخته محمد بن يوسف في الإقامة بالمدينة المنورة وزين له ذلك ، فأقام عنده وسعى في أن يكون مؤذنا ، فأذن له فكان يؤذن احتسابا ، ثم شغرت وظيفة ابن الحسيني المؤذن فتولى مكانه ، وكان الحسيني من المؤذنين القدماء الأخيار وتزوج محمد ابنة خاله فرزق منها أولادا مباركين ، وكان محمد لا يعرف إلا بخاله فيقال له : محمد بن أخت القدسي ، وكلاهما مصريان ليسا من القدس الشريف. وكان الشيخ عليّ قديم الهجرة بالمدينة من المجاورين القدماء ، صحب جماعة من الصالحين الأخيار ، وخدمهم ونال منهم ، وكان يحكي من أخبارهم وأحوالهم ما يتأسى به وينتفع به من اختل عليه حاله وصدئ من الغفلة قلبه. توفي رحمهالله في سنة اثنتين وستين وسبعمائة وقد قارب الثمانين.
وكان منهم الفقيه الزكي النبيل سراج الدين عمر بن الأعمى (١) ، كان من المؤذنين الذين ساروا بين إخوانهم وشرفوا بعقولهم ، وآدابهم كان خلطا فكها حسن القراءة حسن الصوت أديبا مؤذنا مجيدا ، وكان مليح الخط جود عليه أكثر أولاد المجاورين ، وكان كثير المساعدة للإخوان عند الشرفاء والأمراء ، وكان محببا إليهم مكرما لديهم ، يجسر على الأمراء بالكلام ويقول الجد في صورة المزح ، ويقضي حوائجه منهم لنفسه ولمن استغاث به ، وترك أولادا قرّاء مؤذنين ، مات أكبرهم محمد في الغرب بعد غيبة طويلة ، وخلف ولدا صالحا نجيبا مؤذنا صيتا ذا صوت حسن. توفي عمر رحمهالله في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة.
وكان منهم حسن القطان (٢) وأحمد القطان (٣) ، فأما حسن فخلف ولدين من جاريتين تسرّى بهما قرب وفاته فمات وهما حاملتان فولدتا جميعا
__________________
(١) ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ٢ / ٣٥٧ (٣٣٣٠) ، نقلا عن ابن فرحون.
(٢) هو : حسن بن قاسم القطان. ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ١ / ٢٨٩ (٩٦٥).
(٣) هو : أحمد بن قاسم القطان. ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ١ / ١٢٦ (٢٤٨).