الصوت ، على كلامه روح عظيم يدل على خشوعه وحضور قلبه ، وكان معظما عند الناس يقضي حوائجهم ويلبي دعوتهم ، وكان له بالقاهرة وجاهة ، ينتمي إلى السبكيين فكانوا يرعونه في نفسه ثم في ذريته من بعده ، وكان يقال له : سمسار الخير ، لكثرة سعيه في مصالح شتى وفي وظائف كثيرة تأسست ببركته وإشارته.
منها : درس المالكية ، ودرس الشافعية اللذين رتبهما الأمير سلار ، وكذا درس الحنفية الذي بالمدرسة الأركوجية ، وسقايات للماء وغير ذلك.
توفي رحمهالله سنة تسع وثلاثين وسبعمائة ، ومولده سنة ست وستين وستمائة ، وعقب ولده شمس الدين محمدا ، كان فقيها حنفيا اشتغل بمذهب أبي حنيفة بالقاهرة على مشايخ المذهب ، وجاء إلى المدينة مع والده فولي تدريس الحنفية في الشهابية ، والأركوجية ، وكان من الأخيار دينا عاقلا حسن الأخلاق مبادرا لقضاء حوائج الإخوان كهفا للفقراء والمساكين. وكان مؤذنا حسن الصوت ، فتزوج بنت القاضي شرف الدين الأميوطي ، فرزق منها ذرية مباركة وسعيدة أصلحهم الله تعالى.
توفي رحمهالله بعد أن نهب بيته في نهبة المدينة المتقدم ذكرها ، وكانت وفاته في أوائل سنة إحدى وخمسين وسبعمائة.
وكان منهم الشيخ الفقيه الصالح الأديب أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد الغرناطي ونعم الرجل ، كان ـ رحمهالله ـ في بدء أمره مشتغلا بالعلم قد جود القراءات السبعة ، وأحكم الفرائض والحساب حتى لم يكن في المدينة مثل بديهته في ذلك ، وكان قد جبّ نفسه لعارض عرض له خاف على نفسه من السّلطان ، غلب على ظنه أنه لا ينفك عنه إلا بما فعل ، وزيّن له أن الذي يفعله أسلم في دينه من حالته التي هو عليها والعياذ بالله ، فندم حيث لا ينفعه الندم. وفي مثل ذلك قيل :
كلّ يحاول حيلة يرجو بها |
|
دفع المضرّة واجتلاب المنفعة |
والمرء يغلط في تصرف حاله |
|
فلربّما اختار العناء على الدّعة |
ثم إنه حسن حاله وعبادته وتبتله ، ورغب فيه جماعة من الخدام وأدخلوه