التثنية مختصرة من العطف بالواو ، فكما تحتمل ثلاثة معان ولا دلالة في لفظها على تقديم ولا تأخير ، فكذلك العطف بها وباستعمالها حيث لا ترتيب في نحو : اشترك زيد وعمرو ، وبصحة نحو : قام زيد وعمرو بعده أو قبله أو معه ، والتعبير بما سبق أحسن كما قاله ابن هشام من قول بعضهم : (للجمع المطلق) ؛ لتقييد الجمع بقيد الإطلاق ، وإنما هي للجمع لا بقيد.
(وقال قطرب والربعي وهشام وثعلب و) غلامه أبو عمر (الزاهد و) أبو جعفر أحمد بن جعفر (الدينوري) : هي (للترتيب) قالوا : لأن الترتيب في اللفظ يستدعي سببا والترتيب في الوجود صالح له فوجب الحمل عليه ، ونقل هذا القول عن المذكورين في شرح أبي حيان رد به على ادعاء السيرافي وغيره إجماع البصريين والكوفيين على أنها لا تفيده ، ونقله ابن هشام عن الفراء أيضا ، والرضي عن الكسائي وابن درستويه ، ورد بلزوم التناقض في قوله تعالى : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ) [البقرة : ٥٨] ، مع قوله في موضع آخر : (وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) [الأعراف : ١٦١] ، والقصة واحدة.
(و) قال (ابن كيسان) : هي (للمعية حقيقة) واستعمالها في غيرها مجاز قال : لأنها لما احتملت الوجوه الثلاثة ولم يكن فيها أكثر من جمع الأشياء كان أغلب أحوالها أن تكون للجمع في كل حال حتى يكون في الكلام ما يدل على التفرق ، (وعكسه الرضي) فقال : لقائل أن يقول : استعمال الواو فيما لا ترتيب فيه مجاز ، وهي في أصل الوضع للترتيب ، ولما الثاني فيه قبل الأول والأصل في الاستعمال الحقيقة ، (و) قال (ابن مالك : المعية) فيها (أرجح) من غيرها (والترتيب كثير وعكسه قليل) قال أبو حيان : وهو قول مخترع مخالف لمذهب الأكثرين وغيرهم.
(وتختص) بأحكام لا يشاركها فيها غيرها من حروف العطف ، فاختصت (بعطف ما لا يستغني عنه) نحو : اختصم زيد وعمرو ، وهذان زيد وعمرو ، وإن إخوتك زيدا وعمرا وبكرا نجباء ، والمال بين زيد وعمرو ، وأما قول امرئ القيس :
١٥٨٥ ـ بين الدّخول فحومل
__________________
١٥٨٥ ـ البيت من الطويل ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص ٨ ، والأزهية ص ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، وجمهرة اللغة ص ٥٦٧ ، والجنى الداني ص ٦٣ ، ٦٤ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٣٢ ، ٣ / ٢٢٤ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٠١ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢٤٢ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٦٣ ، والكتاب ٤ / ٢٠٥ ، ولسان العرب ١٥ / ٢٠٩ ، مادة (قوا) ، ٤٢٨ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٧٩٤.