ظلموا ، (ومنع أهل الكوفة وبغداد بدل النكرة من المعرفة ما لم توصف) ووافقهم السهيلي وابن أبي الربيع نحو قوله تعالى : (عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) [البقرة : ٢١٧] ؛ لأنها إذا لم توصف لم تفد ؛ إذ لا فائدة في قولك : مررت بزيد برجل ، (زاد أهل بغداد : أو يكون من لفظ الأول) كما تقدم في (ناصية) ، والجمهور أطلقوا الجواز لورودها غير موصوفة ، وليست من لفظ الأول كقوله :
١٥٨١ ـ فصدوا من خيارهن لقاحا |
|
يتقاذفن كالغصون غزار |
فغزار بدل من الضمير في يتقاذفن ، وقوله :
١٥٨٢ ـ فإلى ابن أمّ أناس أرحل ناقتي |
|
عمرو فتبلغ حاجتي أو تزحف |
ملك إذا نزل الوفود ببابه |
|
عرفوا موارد مزبد لا ينزف |
فملك بدل من عمرو ، وأجيب عما ذكر من عدم الفائدة بأنه علم من طريقة العرب أنهم يسمون المذكر بالمؤنث وعكسه ، ففائدة الإبدال رفع الإلباس نحو : (مررت بهند رجل وبجعفر امرأة) ، (و) منع (أبو حيان وقوم بدل المضمر من مثله) أي : من مضمر (بدل بعض أو اشتمال) نحو ثلث التفاحة أكلتها إياه ، و (حسن الجارية أعجبتني هو) ، وأجازه آخرون ، قال أبو حيان : ومنشأ الخلاف هل البدل من جملة أخرى أو العامل فيه عامل المتبوع ، فعلى الأولى يمنع لئلا يبقى المبتدأ بلا رابط ؛ لأن الضمير يعود على المضاف إليه ، وعلى الثاني يجوز ، قال : إلا أنه يحتاج إلى سماع.
(قال الكوفية : أو كل) أي : لا يبدل المضمر من مضمر بدل كل إذا كان (منصوبا) بل يحمل على التأكيد نحو : رأيتك إياك ، والبصريون قالوا : هو بدل كما أن المرفوع بدل بإجماع نحو : قمت أنت ، وصحح الأول ابن مالك والثاني أبو حيان ، (و) منع (ابن مالك) إبدال (المضمر من الظاهر بدل كل) قال : لأنه لم يسمع من العرب لا نثرا ولا نظما ، ولو سمع لكان توكيدا لا بدلا ، وأجازه الأصحاب نحو : رأيت زيدا إياه.
(وفي) جواز بدل (البعض والاشتمال خلف) قيل : يجوز نحو : ثلث التفاحة أكلت
__________________
١٥٨١ ـ البيت من الخفيف ، وهو لأبي دؤاد الإيادي ، وليس في ديوانه ، تفرد به السيوطي في الهمع ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٤١.
١٥٨٢ ـ البيتان من الكامل ، وهما لبشير بن أبي خازم في ديوانه ص ١٥٥ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٤ ، ١٥ ، وبلا نسبة في الكتاب ٢ / ٩ ، والإنصاف ٢ / ٤٩٦ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٢ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٥٦٩.