فيها اسمه وحكمته ، مطلسم عليه لا يصل إليه أحد إلا في الوقت المحدود.
وذكر بعضهم أنّ فيها مجاري الماء يجري فيها النيل ، وأن فيها مطامير تسع من الماء بقدرها ، وأنّ فيها مكانا ينفذ إلى صحراء الفيوم وهي مسيرة يومين.
ودخل جماعة في أيام أحمد بن طولون الهرم الكبير ، فوجدوا في أحد بيوته جاما من زجاج غريب اللون والتّكوين ، فحين خرجوا فقدوا منهم واحدا ، فدخلوا في طلبه فخرج إليهم عريانا وهو يضحك ، وقال : لا تتعبوا في طلبي. ورجع هاربا إلى داخل الهرم ، فعلموا أنّ الجنّ استهوته ، وشاع أمرهم ، فبلغ ذلك ابن طولون ، فمنع الناس من الدّخول وأخذ منهم الجام ، فملأه ماء ، ووزنه ثمّ صبّ ذلك الماء ووزنه ؛ فكان وزنه ملآنا كوزنه وهو فارغ.
وقيل : إنّ الرّوحاني الموكّل بالهرم البحريّ في صفة امرأة عريانة مكشوفة الفرج ، ولها ذوائب إلى الأرض ، وقد رآها جماعة تدور حول الهرم وقت القيلولة ، والموكّل بالهرم الذي إلى جانبه في صورة غلام أصفر أمرد عريان ، وقد رئي بعد المغرب يدور حول الهرم ، والموكل بالثالث في صورة شيخ في يده مبخرة وعليه ثياب الرهبان ، وقد رئي يدور ليلا حول الهرم. حكى ذلك صاحب المرآة.
وقال القاضي الفاضل : الهرمان فرقدا الأرض ، وكلّ شيء يخشى عليه من الدهر إلا الهرمان ؛ فإنّه يخشى على الدهر منهما.
ذكر ما قيل في الهرمين اللذين في الجيزة من الأشعار
قال المتنبّي :
أين الّذي الهرمان من بنيانه |
|
ما قومه؟ ما يومه؟ ما المصرع؟ |
تتخلّف الآثار عن سكّانها |
|
حينا ، ويدركها الفناء فتتبع |
وقال أبو الفضل (١) أميّة بن عبد العزيز الأندلسيّ :
يعيشك هل أبصرت أحسن منظرا |
|
على ما رأت عيناك من هرمي مصر |
أنافا بأعنان السّماء وأشرفا |
|
على الجوّ إشراف السّماك أو النّسر |
وقد وافيا نشزا من الأرض عاليا |
|
كأنّهما نهدان قاما على صدر |
__________________
(١) لعلّ الصواب : أبو الصلت أمية بن عبد العزيز الأندلسي. [وفيات الأعيان : ١ / ٢٤٣].