يقال له دركون (١) بن بلوطس ، فملّكوه عليهم ؛ فلم تزل مصر ممتنعة بتدبير تلك العجوز نحوا من أربعمائة سنة. ثمّ مات دركون بن بلوطس ، فاستخلف ابنه بودس (٢) ، ثمّ توفّي فاستخلف أخاه لقاس (٣) ، فلم يمكث إلّا ثلاث سنين حتّى مات ، ولم يترك ولدا ، فاستخلف أخاه مرينا (٤) ، ثمّ توفّي ، فاستخلف ولده استمارس (٥) ، فطغى وتكبّر وسفك ، وأظهر الفاحشة ، فأعظموا ذلك ، وأجمعوا على خلعه فخلعوه ، وقتلوه ، وبايعوا رجلا من أشرافهم يقال له بلوطس بن مناكيل ، فملكهم أربعين سنة ثمّ توفّي ، فاستخلف ابنه مالوس ، ثمّ توفّي ، فاستخلف أخاه مناكيل (٦) ، فملكهم زمانا ثم توفّي ، فاستخلف ابنه بولة (٧) ، فملكهم مائة وعشرين سنة ؛ وهو الأعرج الّذي سبا ملك بيت المقدس ، وقدم به إلى مصر. وكان بولة قد تقدّم في البلاد ، وبلغ مبلغا لم يبلغه أحد ممّن كان قبله بعد فرعون ، وطغى فقتله الله ، صرعته دابّته فدقّت عنقه فمات.
أخرج ابن عبد الحكم ، عن كعب الأحبار ، قال : لمّا مات سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام ، ملك بعده عمّه مرحب ، فسار إلى ملك مصر ، فقاتله ، وأصاب الأترسة الذّهب الّتي عملها سليمان ، فذهب بها.
ثم استخلف مرينوس بن بولة فملكهم زمانا ثمّ توفّي ، فاستخلف ابنه قرقورة ، فملكهم ستين سنة ، ثم توفّي فاستخلف أخاه لقاس ؛ وكان كلّما انهدم من تلك البربى شيء لم يقدر أحد على إصلاحه إلّا تلك العجوز وولدها وولد ولدها ، فكانوا أهل بيت لا يعرف ذلك غيرهم ، فانقطع أهل ذلك البيت ، وانهدم من البربى موضع في زمان لقاس (٨) ، فلم يقدر أحد على إصلاحه ومعرفة علمه ، وبقي على حاله ، وانقطع ما كان يقهرون به الناس. ثمّ توفّي لقاس ، فاستخلف ابنه قومس ، فملكهم دهرا. فلمّا ظهر بخت نصّر على بيت المقدس وسبى بني إسرائيل ، وخرج بهم إلى أرض بابل ، أقام إرميا بإيلياء (٩) وهي خراب ؛ فاجتمع إليه بقايا من بني إسرائيل كانوا متفرّقين ، فقال لهم
__________________
(١) في مروج الذهب ١ / ٤٠٤ : دركوس.
(٢) في مروج الذهب ١ / ٤٠٤ : بورس.
(٣) فغامس.
(٤) دنيا.
(٥) نماريس.
(٦) في مروج الذهب ١ / ٤٠٤ : بلوطس بن ميناكيل بن بلوطس.
(٧) وفيه أيضا : بلونا.
(٨) وفيه أيضا : نقاس.
(٩) في معجم البلدان : إيلياء اسم مدينة بيت المقدس.