والله يقضي بإسراع اللحوق فما |
|
للقلب بعد هداة الدّين مصطبر |
دهر عجيب يطمّ السمع منكره |
|
وما به الهدى عون ولا وزر |
وكلّ وقت ترى الأخيار قد ذهبوا |
|
وللأشرّة فيه النار تستعر |
حبر فحبر إمام بعد آخر لا |
|
يرى لهم خلف كلّا ولا نظر |
إذا نجوم الهدى والرّشد قد أفلت |
|
ضلّ الورى فلهم في غيّهم سكر |
هم الألى تشرق الدنيا ببهجتها |
|
لا شمسها وأبو إسحاق والقمر |
وإن تكن أعين الإسلام ذاهبة |
|
تترى فعمّا قليل يذهب الأثر |
٥٧ ـ الشيخ أمين الدين ، الأقصرائي يحيى بن محمد شيخ الحنفيّة في زمانه. ولد سنة نيّف وتسعين وسبعمائة ، وانتهت إليه رئاسة الحنفية في زمانه. مات في أواخر المحرّم سنة ثمانين وثمانمائة.
٥٨ ـ الشيخ سيف الدين (١) الحنفيّ محمد بن محمد بن عمر بن قطلوبغا البكتمريّ العلّامة الورع الزاهد العابد. ولد تقريبا على رأس ثمانمائة ، وأخذ عن السّراج قارىء الهداية والتّفهنيّ ، ولازم ابن الهمام ، وانتفع به ، وبرع في الفقه والأصول والنّحو ، وكان شيخه ابن الهمام يقول عنه : هو محقّق الديار المصريّة ، مع ما هو عليه من سلوك طريق السّلف والعبادة والخير ، وعدم التردّد إلى أحد أبدا مدّة عمره ، ولم ير مثله تورّعا ، وولي التدريس بأماكن ، منها درّس التفسير بالمنصوريّة ، وآخر ما تولّى مشيخة المؤيديّة ثمّ الشيخونية. وله حاشية على التّوضيح كثيرة الفوائد. مات في ذي القعدة سنة إحدى وثمانين وثمانمائة.
وهو آخر شيوخي موتا لم يتأخّر بعده أحد ممّن أخذت عنه العلم إلا رجل قرأت عليه ورقات من المنهاج. وقلت أرثيه :
مات سيف الدّين منفردا |
|
وغدا في اللّحد منغمدا |
عالم الدّنيا وصالحها |
|
لم تزل أحواله رشدا |
يبكيه دين النبيّ إذا |
|
ما أتاه ملحد كمدا |
إنما يبكى على رجل |
|
قد غدا في الخير معتمدا |
لم يكن في دينه وهن |
|
لا ولا للكبر منه ردا |
عمره أفناه في نصب |
|
لإله العرش مجتهدا |
من صلاة أو مطالعة |
|
أو كتاب الله مقتصدا |
__________________
(١) شذرات الذهب : ٧ / ٣٣٢.