فلمّا مات ملك بعده أخوه مصرام ، وكان حكيما ماهرا في الكهانة والطّلسمات فعمل أعمالا عظيمة ، منها أنّه ذلّ الأسد وركبه. ويقال إنّه ركب في عرشه وحملته الشياطين حتّى انتهى إلى وسط البحر المحيط ، وجعل فيه قلعة بيضاء ، وجعل فيها صنما للشّمس وزبر (١) عليها اسمه وصفة ملكه ، وعمل صنما من نحاس وزبر عليه : «أنا مصرام الجبّار ، كاشف الأسرار ، وضعت الطّلّسمات الصّادقة ، وأقمت الصّور الناطقة ، ونصبت الأعلام الهائلة على البحار السائلة ، ليعلم من بعدي أنّه لا يملك أحد ملكي».
ثمّ ملك بعده خليفته عيقام الكاهن ، ويقال : إنّ إدريس عليه الصلاة والسلام رفع في أيّامه.
ثم ملك بعده ابنه عرياق ، ويقال إنّ هاروت وماروت كانا في وقته.
ثم ملك بعده لوخيم بن نتراس.
وبعده خصليم ، وهو أوّل من عمل مقياسا لزيادة النيل ؛ وذلك أنّه جمع أصحاب العلوم والهندسة فعملوا له بيتا من رخام على حافة النّيل ، وجعل في وسطه بركة من نحاس صغيرة ، فيها ماء موزون ، وعلى حافة البركة عقابان من نحاس : ذكر وأنثى ، فإذا كان أوّل الشهر الذي يزيد فيه النيل فتح البيت وجمع الكهّان فيه بين يديه ، وتكلّم رؤساء الكهّان بكلام لهم حتّى يصفر أحد العقابين ، فإن صفر الذّكر كان الماء تامّا ، وإن صفر الأنثى كان الماء ناقصا ، فيعتدّون لذلك. وهو الّذي بنى القنطرة التي ببلاد النّوبة على النيل.
وملك بعده رجل ، يقال له هوصال ؛ ويقال إنّ نوحا عليه الصلاة والسلام كان في وقته.
وملك بعده ولده قدرسان.
وملك بعده سرقاق.
وملك بعده ابنه سلقوف.
وملك بعده ابنه سوريد ؛ وهو أوّل من جبى الخراج بمصر ؛ وهو الذي بنى الهرمين ، ولما مات دفن في الهرم ، ودفن معه جميع أمواله وكنوزه.
وملك بعده ابنه هو جيت ، ودفن أيضا في الهرم.
وملك بعده ابنه مناوس ويقال منقاوس.
__________________
(١) زبر : كتب أو نقش.