في الفقه وأصوله والعلوم العقليّة ، ولازم الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام الشافعيّ ، وأخذ عنه أكثر فنونه ، وألّف التّصانيف الشهيرة كالذّخيرة والقواعد وشرح المحصول والتّنقيح في الأصول وشرحه وغير ذلك. قال القاضي تقيّ الدين بن شكر : أجمع المالكيّة والشّافعية على أنّ أفضل عصرنا بالدّيار المصرية ثلاثة : القرافيّ ، وناصر الدين ابن المنيّر وابن دقيق العيد. مات في جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين وستّمائة ودفن بالقرافة.
٧٠ ـ ابن المنيّر العلّامة ناصر الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن منصور الجذاميّ الإسكندرانيّ. أحد الأئمّة المتبحّرين في العلوم من التفسير والفقه والأصلين والنظر والعربيّة والبلاغة والأنساب. أخذ عن جماعة منهم ابن الحاجب. وكان الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام يقول : الديار المصرية تفتخر برجلين في طرفيها : ابن دقيق العيد بقوص وابن المنيّر بالإسكندرية. ومن تصانيفه تفسير القرآن والانتصاف من الكشّاف وأسرار الإسراء ، ومناسبات تراجم البخاريّ ، ومختصر التهذيب في الفقه. ولد سنة عشرين وستمائة. ومات في أوّل ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين بالإسكندريّة (١).
٧١ ـ أخوه زين الدين عليّ قاضي الإسكندرية بعد أخيه. قرأ على ابن الحاجب وغيره ، وكان بعض الفضلاء يفضله على أخيه ، وإن كان هو أشهر منه. وله شرح عظيم على البخاريّ. قال ابن فرحون : وكان ممّن له أهليّة الترجيح والاجتهاد في مذهب مالك.
٧٢ ـ ابن دقيق العيد الشّيخ تقيّ الدين أبو الفتح محمد بن الشّيخ مجد الدين عليّ ابن وهب بن مطيع القشيريّ القوصيّ. قال ابن السّبكي في الطبقات : شيخ الإسلام الحافظ الزاهد الورع الناسك المجتهد المطلق ذو الخبرة التامّة بعلوم الشريعة ، الجامع بين العلم والدّين ، والسالك سبيل السادة الأقدمين. أكمل المتأخّرين. ولد بظهر البحر الملح قريبا من ساحل الينبع وأبواه متوجّهان من قوص (٢) للحجّ يوم السبت خامس عشرين شعبان سنة خمس وعشرين وستّمائة ، ونشأ بقوص وتفقّه بها ، ثمّ رحل إلى مصر والشام ، وسمع الكثير. وأخذ من الشّيخ عزّ الدين بن عبد السلام ، وحقّق العلوم ، ووصل إلى درجة الاجتهاد ، وانتهت إليه رياسة العلم في زمانه ، وشدّت إليه الرحال. قال الحافظ فتح الدين بن سيّد الناس : لم أر مثله فيمن رأيت ، ولا حملت عن أجلّ منه
__________________
(١) فوات الوفيات : ١ / ٧٢.
(٢) في معجم البلدان : قوص مدينة كبيرة في صعيد مصر شرقي نهر النيل.