حدّثنا عبد الملك بن مسلمة ، حدثنا ابن وهب ، عن موسى بن عليّ ، عن أبيه ، عن عمرو بن العاص ، أنّه فتح الإسكندرية الفتحة (١) الأخيرة عنوة قسرا في خلافة عثمان بعد موت عمر بن الخطاب.
حدّثنا عبد الملك ، حدّثنا ابن لهيعة ، قال : كان فتح الإسكندرية الأوّل سنة إحدى وعشرين ، وفتحها الآخر سنة خمس وعشرين.
قال نمير بن لهيعة : وأقام عمرو بعد فتح الإسكندريّة شهرا ، ثمّ عزله (٢) عثمان رضياللهعنه ، وولّى عبد الله بن سعد ؛ وكان عمر بن الخطاب ولّى عبد الله بن سعد من الصّعيد إلى الفيّوم ، فكتب عثمان بن عفان ، إلى عبد الله بن سرح يؤمّره على مصر كلّها. فلمّا كان سنة خمس وثلاثين مشت الرّوم إلى قسطنطين بن هرقل ، فقالوا : نترك الإسكندرية في أيدي العرب ، وهي مدينتنا الكبرى؟ فقال : ما أصنع بكم؟ ما تقدرون أن تمالكوا ساعة إذا لقيتم العرب! قالوا : فاخرج على أنّا نموت. فتبايعوا على ذلك ، فخرج في ألف مركب يريد الإسكندرية ، فسار في أيام غالبة من الريح ، فبعث الله عليهم ريحا فغرّقتهم ، إلا قسطنطين نجا بمركبه ، فألقته الريح بسقلّيّة ، فسألوه عن أمره فأخبرهم ، فقالوا شأمت النصرانية ، وأفنيت رجالها ، لو دخل العرب علينا لم نجد من يردّهم ، فقال : خرجنا مقتدرين ، فأصابنا هذا ، فصنعوا له الحمّام ، ودخلوا عليه ، فقال : ويلكم! تذهب رجالكم ، وتقتلون ملككم؟! قالوا : كأنّه غرق معهم ؛ ثمّ قتلوه ، وخلّوا من كان معهم في المركب.
ذكر رابطة الإسكندرية
أخرج ابن عبد الحكم (٣) ، عن يزيد بن أبي حبيب وعبد الله بن هبيرة ، قالا : لمّا استقامت البلاد ، وفتح الله على المسلمين الإسكندرية ، قطع عمرو بن العاص من أصحابه لرباط (٤) الإسكندرية ربع النّاس خاصّة ؛ الرّبع يقيمون ستة أشهر ، والرّبع في السواحل ، والنصف الثاني مقيمون معه.
__________________
(١) ذكر ابن الأثير في الكامل أن ذلك كان سنة ٢٥ ه. [٣ / ٤١].
(٢) عزل عمرو بن العاص واستعمل عبد الله بن سعد بن أبي سرح سنة ٢٦ ه. [الكامل لابن الأثير : ٣ / ٤٥].
(٣) صاحب كتاب فتوح مصر.
(٤) المرابطة ضد العدو.