قال غيرهما : وكان عمر بن الخطاب يبعث كلّ سنة غازية من أهل المدينة ترابط بالإسكندريّة ، فكانت الولاة لا تغفلها ، وتكشف رابطتها ، ولا تأمن الروم عليها.
وكتب عثمان إلى عبد الله بن سعد : قد علمت كيف كان همّ أمير المؤمنين بالإسكندريّة ، وقد نقضت الرّوم مرّتين ، فألزم الإسكندرية رابطتها ، ثم أجر عليهم أرزاقهم ، وأعقب منهم في كلّ ستة أشهر.
وأخرج عن أبي قبيل ، أنّ عتبة بن أبي سفيان عقد لعلقمة بن يزيد الغطيفيّ على الإسكندريّة ، وبعث معه اثني عشر ألفا ، فكتب علقمة إلى معاوية يشكو عتبة حين غدر به وبمن معه. فكتب إليه معاوية : إنّي قد أمددتك بعشرة آلاف من أهل الشام وبخمسة آلاف من أهل المدينة ، فكان فيها سبعة وعشرون ألفا.
وأخرج ابن حبّان (١) في الضعفاء ، من طريق عبد الملك بن هارون بن عنترة ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ مرفوعا : «أربعة أبواب من الجنة مفتّحة في الدنيا : الإسكندرية ، وعسقلان ، وقزوين ، وجدّة».
وأخرج ابن الجوزيّ في الموضعات من طريق عمرو بن صبيح ، عن أبان ، عن أنس مرفوعا : «يحوّل الله يوم القيامة ثلاثة قرى من زبرجدة خضراء : عسقلان ، والإسكندرية ، وقزوين».
وقال ابن الجوزيّ : عمرو بن صبيح يضع على الثقات.
وقال الكنديّ في فضائل مصر : قال أحمد بن صالح ، قال لي سفيان بن عيينة : يا مصريّ ، أين تسكن؟ قلت : أسكن الفسطاط ، قال : أتأتي الإسكندرية؟ قلت : نعم ، قال لي : تلك كنانة الله يحمل فيها خير سهامه.
وقال عبد الله بن مرزوق الصّدفيّ : لمّا نعي إليّ ابن عمّي خالد بن يزيد ـ وكان توفّي بالإسكندرية ـ لقيني موسى بن عليّ بن رباح (٢) وعبد الله بن لهيعة والليث بن سعد متفرّقين ، كلّهم يقولون : أليس مات بالإسكندرية؟ فأقول : بلى ، فيقولون : هو حيّ عند الله يرزق ، ويجري عليه أجر رباطه ما قامت الدنيا ، وله أجر شهيد حتّى يحشر على ذلك.
__________________
(١) هو أبو عبد الله محمد بن يحيى بن حبّان بن منقذ ... اللقب : الأنصاري ، المازني ، الحباني البخاري. وفاته سنة ١٢١ ه. من الطبقة الرابعة. أخرج له الستة.
(٢) هو أبو عبد الرحمن موسى بن علي بن رباح. اللقب : اللخمي ، المصري. وفاته ١٦٣ ه. من الطبقة السابعة. أخرج له الستة. [موسوعة رجال الكتب التسعة : ٤ / ٦٣].