وربما كان نصف هذا العدد من أصقاع بعيدة من العالم الإسلامى. من بين قوافل الحج المنتظمة التى يتراوح عددها بين خمس قوافل وست قوافل اعتادت الوصول إلى مكة قبل أيام قلائل من الحج ، لم يظهر هذا العام سوى قافلتين ؛ هاتان القافلتان كانتا من سوريا ومن مصر ، كانت القافلة المصرية مكونة من أناس ينتمون إلى حاشية قائد الحج هو وقواته ، ولم يأت أحد من الحجاج عن طريق البر على الرغم من سلامة الطريق وأمنه.
كانت القافلة السورية هى الأقوى دوما ، منذ زمن الخلافة ، يوم أن كان الخلفاء شخصيا يرافقون الحجاج من بغداد إلى مكة. تبدأ القافلة السورية من القسطنطينية وينضم إليها حجاج شمالى آسيا أثناء مرورها عبر الأناضول وسوريا إلى أن تصل إلى دمشق ، التى تمضى فيها أسابيع عدة. وعلى امتداد الطريق من القسطنطينية إلى دمشق ، يعمل الجميع على راحة القافلة ، وسلامتها ، وترافقها قوات الحكام من بلد إلى آخر ، وقد قام السلاطين السابقون ببناء النّزل والخانات فى كل محطة من المحطات ، وزودوها بأسبلة المياه ، لكى تفيد منها القافلة أثناء مرورها الذى كان يحظى بحفاوة كبيرة وفرح شديد. فى دمشق يجرى الاستعداد لرحلة تستمر ثلاثين يوما عبر صحراء المدينة (المنورة) ، يزاد على ذلك أن الإبل التى تنقل القافلة إلى هذه المسافة يتعين استبدالها ؛ والسبب فى ذلك أن الجمل الأناضولى لا يقوى على تحمل متاعب رحلة من هذا القبيل. يضاف إلى ذلك أن مدن القسم الشرقى من سوريا كلها تقدم إبلها لهذا الغرض ؛ ولذلك يتعاقد كبار شيوخ البدو فى المناطق الحدودية ، مع حكومة دمشق على أعداد كبيرة من هذه الإبل. هذا يعنى أن تلك الإبل تكون بأعداد كبيرة جدا ، حتى وإن كان المسافرون مع هذه القافلة قليلى العدد ، وبخاصة إذا ما أخذنا بعين اعتبارنا من ناحية تلك الإبل التى تستخدم فى حمل الماء ، وحمل التموينات المطلوبة للحجاج ، والجنود ، والخيول ، ومن الناحية الأخرى تلك الإبل الإضافية التى يجرى إحضارها لاستعواض الإبل التى قد تنفق على الطريق ، والتى تستخدم فى جلب العلف اليومى الذى تحتاجه الإبل ونقله ، هذا بالإضافة أيضا إلى