يتفرقون فوق السهل بحثا عن أماكن التخييم. وصلت المخيم بعد ثلاث ساعات من غروب الشمس ، لكن الشاردين الآخرين لم يصلوا إلا بعد منتصف الليل ، وشاهدت النيران التى شبها الحجاج على رقعة من الأرض يصل طولها إلى ثلاثة أميال أو أربعة ، وكانت هناك ثريات ساطعة تضىء مصابيحها سائر أنحاء المخيم الخاص بمحمد على باشا ، وسليمان باشا ، وأمير الحج فى القافلة المصرية. شاهدت الحجاج وهم يتجولون بين الخيام بحثا عن رفاقهم ، الذين تاهوا منهم على الطريق ، ولم تهدأ الضوضاء أو يقل ذلك الارتباك إلا بعد مضى ساعات عدة. نامت قلة قليلة من الناس أثناء الليل ، وبقى المتقون ساهرين طوال الليل يدعون الله ويسبحونه وهم يترنمون بأصوات عالية ، وبخاصة أهل المخيم السورى ، فى حين شكل المكيون أنفسهم على شكل جماعات ، وهم يرددون الأذكار الربانية التى يطلقون عليها اسم الجوق ، ويصحبون التغنى بها بالتصفيق بالأيدى ، وبقيت المقاهى المنتشرة على سهل عرفة مزدحمة بالزبائن طوال الليل.
كان الليل حالك الظلام وباردا وتساقطت على الناس حبات المطر ، وكنت قد شكلت لنفسى مكانا للراحة عن طريق سجادة كبيرة ربطتها فى الجزء الخلفى من خيمة أحد المكيين ، ورحت أتجول طوال القسم الأكبر من الليل ، كنت قد أسلمت نفسى للنوم ، عند ما سمعت طلقتين من بندقيتين ، واحدة منهما فى الحج السورى والثانية فى الحج المصرى ، تعلنان دخول فجر يوم الحج ، وتدعوان المؤمنين إلى الاستعداد لأداء صلاة الصبح. ولتوضيح الرواية التالية ، أرفق هنا مخططا لسهل عرفات ، والأرقام والعلامات الموضحة فى ذلك المخطط على النحو التالى (*) :
__________________
(*) ١ ـ جبل عرفات. ٢ ـ المكان الذى صلى فيه محمد صلىاللهعليهوسلم عند قمة الجبل. ٣ ـ حلبة الخطيب.٤ ـ موضع سيدنا آدم. ٥ ـ جامع الصخرة. ٦ ـ وادى أماه. ٧ ـ خيمة زوجة محمد على باشا.٨ ـ القافلة المصرية. ٩ ـ خيمة محمد على باشا. ١٠ ـ مخيم خيالة محمد على. ١١ ـ القافلة السورية.١٢ ـ خيمة سليمان باشا. ١٣ ـ مخيم خيالة سليمان باشا. ١٤ ـ خيمة عائلة الجيلانى. ١٥ ـ مخيم كبار شخصيات مكة والحجاج الأتراك الذين لم يجيئوا بصحبة القافلة. ١٦ ـ مخيم الهنود ومكان الطبقة الدنيا الذى يحمل الرمزb ، وقافلة اليمن المكية ، والمكان الذى اضطررت إلى التخييم فيه.١٧ ـ السوق. (انظر الخارطة رقم (١) : سهل عرفة).