بالنخيل. فى بيشة وجد جيش محمد على التركى ، وكذلك أتباع هذا الجيش من البدو ، الذى كان يقدر بحوالى عشرة آلاف أو اثنى عشر ألف رجل ، وجد الجيش فى هذه المنطقة مؤنا وتموينات كفته أسبوعين ، كما حصل الجيش أيضا على تموينات لمسيرة دامت أياما عدة فى اتجاه الجنوب. والعرب يطلقون على بيشة اسم مفتاح اليمن ؛ هذا يعنى أن بيشة تقع على واحد من الطرق الرئيسية الواصلة بين نجد واليمن ، وقد قيل إن الإبل التى تحمل أحمالا ثقيلة من مكة لا يمكنها الوصول إلى اليمن إلا عن طريق بيشة ، إضافة إلى منطقة شاطئ البحر الواقعة خلف بيشة تعد طريقا سهلا فى اتجاه الغرب عبر سلسلة الجبال الكبيرة. جرت فى بيشة معارك عدة بين الشريف غالب وسعود القائد الوهابى ، الذى أنشأ ، بحكم انتصاره ، قلعتين فى المنطقة المجاورة لبيشة ، وتركهما فى رعاية ابن شخبان ، الذى عينه سعود شيخا لبنى سالم ، تلك القبيلة التى تسكن بيشة ، والتى تستطيع توفير ما بين ثمانية آلاف بندقية فتيلية وعشرة آلاف ، وقد قاد ابن شخبان معارضة شجاعة ضد محمد على باشا.أعتقد أن أشراف مكة فى الأزمان السابقة كانت لهم ، فى أضعف الأحوال ، سلطة اسمية على المنطقة كلها فيما بين الطائف وبيشة ، ونحن نقرأ فى تاريخ العصمى عن أشراف كانوا يقيمون فى بيشة بين الحين والآخر ، نظرا لوجود مساعدين لهم فى الجيش من قبيلة بنى سالم.
«بيشة» عبارة عن واد عريض يقدر طوله بمسير ما بين ست ساعات وثمانى ساعات ؛ وهذا الوادى عامر بالنهيرات ، والآبار ، والبساتين. ومنازل بيشة أفضل من منازل الطائف ، وهى موزعة توزيعا غير منتظم على المنطقة كلها. والقلعة الرئيسية متينة جدا ، وفيها كثير من الأسوار والجدران العالية ، كما يحيط بها خندق. وعلى بعد مسير ثلاثة أيام أو أربعة من بيشة نجد أن السهل تغطيه مخيمات كثيرة من مخيمات عرب القحطان ، الذين يشكلون واحدة من أقدم القبائل العربية ، التى ازدهرت قبل مجىء محمد صلىاللهعليهوسلم ، يوم أن كانت تعبد الأوثان. هاجر بعض من بنى قحطان إلى مصر ، ويقال إنهم سكنوا أسوان. وقد واجه الوهابيون صعوبة كبيرة فى إخضاع هذه القبيلة ،