الملحق رقم ٣
الطريق من الطائف إلى صنعاء
هذه اليوميات وصلتنى من رجل فقير الحال ، سافر بصحبة زوجته فى عام ١٨١٤ م ، من صعدة إلى مكة. كان الرجل من سكان إحدى المناطق القريبة من صنعاء ، ونظرا لتوقف الحج القبصى بضع سنوات ، ونظرا أيضا لعدم استطاعته تحمل مصاريف السفر بالبحر إلى جدة ، فقد اضطر إلى قطع هذا الطريق وهذه المسافة ، التى تعد أمرا ممكنا حتى فى الأوقات الحرجة ، عند أولئك الذين يستطيعون المرور دون أن تدور من حولهم الشكوك وبخاصة عند ما يصطبغون بصبغة الحج والحجاج. كان الرجل يلقى معاملة كريمة وطيبة فى كل مكان. عند ما وصل ذلك الرجل إلى القرية ، كان يتجه إلى المسجد أو الجامع ، ويروح يتلو بعض سور القرآن ، وهنا كان يسأل العرب عن هوية هذا الرجل ، ويروحون يعطونه كميات كبيرة من الدقيق ، والحليب ، والزبيب ، واللحم ، إلخ. لم يستوقف اللصوص هذا الرجل إلا بعد أن وصل إلى المواقع الأمامية لجيش محمد على باشا ، وعند هذه المواقع قام بعض الجنود بسلب ونهب كل ما كان مع هذا الرجل من المؤن والتموينات. لم يستطع هذا الرجل تحديد رحلاته اليومية ؛ نظرا لأنه كان يتسكع من مستوطنة إلى أخرى ، ووصل به الأمر إلى حد الانتظار أياما عدة أملا فى العثور على رفاق له على الطريق. استغرقت الرحلة من هذا الرجل قرابة الأشهر الثلاثة. كان يعيش وهو فى مكة على ما يكسبه من الغناء أثناء الليل ، أمام منازل الحجاج الأثرياء ، كان الرجل يتغنى ببعض الأشعار التى تمدح النبى صلىاللهعليهوسلم وتتناول موضوع الحج.