المركيدة ، الذين هم فرع من قبيلة عسير ، لا يزالون يمارسون عادة قديمة درج عليها آباؤهم وأجدادهم ، تقضى بأن يخصصوا للغريب الذى ينزل عليهم ، أو عند خيامهم ، أنثى من إناث الأسرة لتكون رفيقة لذلك الغريب أثناء الليل ، وغالبا ما تكون هذه الأنثى هى زوجة المضيف ، لكن العذراوات لا يقدمن ضمن هذا النظام غير المتحضر من أنظمة الكرم. وإذا ما أعجب ذلك الغريب بزوجة المضيف ، جرت معاملته باهتمام كبير فى صبيحة اليوم التالى من قبل مضيفه ، كما يجرى تزويده عند الرحيل بكمية من التموينات تكفيه طوال الجزء المتبقى من رحلته ، لكن ، ومن سوء الطالع ، إذا لم يعجب ذلك الضيف بامرأة المضيف ، وجدوا عباءته فى اليوم التالى وقد قطع جزء منها ، قطعته تلك السيدة عن قصد دلالة على احتقارها للرجل وازدرائه ، ونظرا لشيوع ذلك الظرف ، فإن المسافر التعيس كان يطرد من القرية أو المخيم مكروها من النساء والأطفال. وجد الوهابيون صعوبة بالغة فى جعل هؤلاء الحضر يقلعون عن تلك العادة السيئة ، ونظرا لحدوث جفاف لمدة عامين ، بعد إقلاعهم عن هذه العادة السيئة ، ظنوا أن ذلك الجفاف كان عقابا لهم على تخليهم عن هذه العادة التى تعد من مظاهر كرمهم وسخائهم ، على امتداد قرون طويلة.
كنت أسمع أثناء تجوالى بين البدو السوريين ، عن انتشار هذه العادة الشاذة بين أفراد قبيلة المركيدة ، لكنى لم أستطع التأكد من صحة تقرير من التقارير ، لا يتفق مع الأفكار الثابتة الخاصة باحترام شرف المرأة عند العرب ، لكنى لم يعد يراودنى أى شك فى هذه المسألة بعد أن وصلتنى من كل من مكة والطائف ، ومن أشخاص عديدين شهدوا هذه المسألة شهود العيان ، وبذلك أكون قد تأكدت من هذه المعلومة.
قبل الغزو الوهابى لعسير ، كان أهلها يقتادون عذراواتهن المقبلات على الزواج ، إلى سوق المدينة وهن يلبسن أبهى ملابسهن ، ويروحون يمشون أمام هؤلاء العذراوات وينادون قائلين : «من يشترى العذراء؟» وكان الزواج يعقد فى السوق ، ولم يكن يسمح بتزويج البنات بغير هذه الطريقة.
بلغنى أن النمور والذئاب تكثر فى جبال عسير ، لكن ليس فيها أسود. والعرب هنا لديهم سلالة جيدة من البغال والحمير.