يشيع هنا فى المدينة المنورة ، كما هو الحال فى مكة تدخين النرجيلة ، أو إن شئت فقل : الغليون الفارسى. الغلايين شائعة هنا فى المدينة المنورة ، أكثر انتشارا عنها فى الأماكن الأخرى من الحجاز ، نظرا لبرودة الطقس. يزاد على ذلك أن شرب القهوة هنا مبالغ فيه وغير عادى بالمرة. فى البساتين يشترى الناس البن بالفواكه وبالنقود أيضا ، وولع الناس بشرب الشاى فى كل من إنجلترا وهولندا لا يرقى أبدا إلى ولع الناس بشرب القهوة فى المدينة المنورة.
أهل المدينة المنورة لا يربون الخيول. ويستثنى من ذلك أفراد عائلة شيخ الحرم ، وقلة قليلة من أفراد حاشيته ، وأنا لا أظن أن أحدا يربى خيولا فى المدينة. على العموم ، هذه المناطق من الجزيرة العربية تفتقر إلى الخيول ، نظرا لعدم توفر المراعى اللازمة لذلك ، يزاد على ذلك أن البدو الذين فى شمال المدينة المنورة وشرقها ، فى الصحراء ، لديهم على العكس من ذلك ، عدد كبير من السلالات. هذا يعنى أن بساتين المدينة المنورة يمكن أن تحل محل المراعى ، وقبل ذلك ، وعند ما كان هناك بعض المحاربين فى المدينة ، كانوا يقومون بتربية الخيول ، وكانوا يقومون بغزو البدو الذين تصادف نشوب القتال فيما بينهم. فى الوقت الراهن تميل روح أهل المدينة المنورة إلى المسالمة والمهادنة ؛ وتأسيسا على ذلك ، عقب استيلاء الوهابيين على المدينة ، قام أصحاب الخيول القليلة ببيع خيولهم على وجه السرعة ، هربا من التجنيد العسكرى الذى يخضع له الخيالة فى الأراضى الوهابية ، واحتفظت بعض الأسر الثرية بالبغال ، وبالإبل أيضا. والحمير من الحيوانات الشائعة فى المدينة المنورة ، وبخاصة بين الزراع ، الذين يستعملونها فى جلب منتجاتهم الحقلية إلى منازلهم ، وحمير المدينة المنورة من سلالة أصغر من سلالة الحمير التى فى كل من مكة والحجاز بصفة عامة ، وقد أدى احتياج الجيش التركى إلى الإبل إلى نقص عدد الإبل التى كان الزراع يربونها ، والذين اضطروا إلى بيع هذه الإبل مخافة أن يصادرها الجيش التركى : بدو الصحراء الشرقية ، التى تبعد عن المدينة المنورة مسير ثلاثة أيام أو أربعة ، لديهم أعداد كبيرة من الإبل ، حدث أن قامت دورية من دوريات طوسون باشا ـ أثناء مقامى فى المدينة المنورة ـ بالاستيلاء على حوالى سبعمائة جمل ، تم الاستيلاء عليها من مخيم واحد من مخيمات قبيلة بنى الحطيم.