السواد الأعظم من سكان المدينة المنورة ، من أصول أجنبية ، وعرقهم متباين تماما كما هو الحال فى مكة ، ولا ينقضى عام دون انضمام بعض المستوطنين الجدد إلى هذه الفئة من السكان ، يزاد على ذلك أن أية قافلة من قوافل الحج لا تمر بالمدينة المنورة إلا وتترك وراءها قلة قليلة من مسافريها ، الذين يتوقفون فى بداية الأمر بهدف البقاء مدة عام أو عامين فقط فى المدينة ، لكنهم يواصلون العيش والبقاء فيها بصفة دائمة. هناك عدد كبير من خلف أولئك الأتراك الذين يعيشون فى شمالى تركيا ، لكن القسم الأكبر من سكان المدينة المنورة ترجع أصولهم إلى البلدان الجنوبية من الجزيرة العربية مثل اليمن وحضر موت ، ومن سوريا ومن مصر ، كما أن هناك عددا كبيرا أيضا من الباربارى. كان مرشدى يدعى الشيخ سعد الدين الكردى ، نظرا لأن والد والده كان كرديا استقر فى المدينة المنورة ؛ كان صاحب المنزل الذى كنت أنزل فيه يدعى سيد عمر ، وهو شريف من أشراف قبيلة اليفاعلى اليمنية ، الذين جاء أسلافهم إلى المدينة المنورة قبل مئات السنين. هناك أيضا بعض الهنود المقيمين فى المدينة المنورة ، لكن أعداد الهنود فى المدينة أقل منهم فى مكة. الهنود ، كما هو حالهم فى مكة ، يعملون فى المدينة المنورة فى مجال العقاقير ، أو يمتلكون محلات صغيرة ، لكنى أرى أن الهنود فى المدينة ليس من بينهم أحد يعمل فى مجال تجارة الجملة. والهنود يلتزمون بلباسهم الوطنى وسلوكياتهم الوطنية أيضا ، ويشكلون جالية صغيرة ، ويندر أن يتزوجوا من غير الهنود أو يختلطوا بالسكان الآخرين.
أفراد مختلف الجنسيات الذين استقروا فى المدينة المنورة واستوطنوها ، تحولوا فى الجيل الثانى والثالث إلى أعراب فيما يتعلق بالسمات والشخصية ، ومع ذلك يسهل تمييزهم عن المكيين ؛ أهل المدينة ليسوا ذوى بشرة سمراء مثل أهل مكة ، وبذلك فهم يشكلون حلقة مباشرة أو وسيطة ، إن صح التعبير ، بين أهل الحجاز وسكان شمالى سوريا. ملامح أهل المدينة أوضح إلى حد ما ، ولحاهم أكثر كثافة ، وأجسامهم أقوى وأمتن من أجسام أهل مكة ، لكن الوجه ، وتقاسيمه ، وكذلك الملامح كل ذلك سواء عند أهل المدينة وأهل مكة.