يمارسون طقوس هذا
المذهب الشيعى فى السر ، على الرغم من اتباعهم للطقوس السنية فى العلن. هذا
التقرير عام وشائع جدا ، ويؤكده عدد كبير من الناس المحترمين ، الأمر الذى لا يجعل
هذا التقرير محطا للشكوك ، لكن بنى حسين لهم نفوذ كبير فى المدينة المنورة ، هذا
النفوذ يلتزم من الناحية الشكلية بالطقوس والمبادئ الأصولية ، الأمر الذى لا يؤدى
إلى مضايقتهم أو إزعاجهم.
يشاع بين الناس أن
بقايا الأنصار وأعداد كبيرة من العرب الفلاحين الذين يزرعون البساتين والحقول
المجاورة للمدينة المنورة يعتنقون المذهب نفسه ، وأن هؤلاء الناس الذين يطلق عليهم
اسم النواخلة (هذا الاسم يعنى أن هؤلاء الناس يعيشون بين النخيل) أعدادهم كبيرة
ومحبون للحرب. هؤلاء النواخلة كانوا يشكلون مقاومة صعبة فى وجه الوهابيين ، كما
أثبتوا دوما فى الصراعات المدنية أنهم أقوى من أهل الحضر. يقال إن هؤلاء النواخلة
هم أحفاد أتباع يزيد بن معاوية ، الذى استولى على المدينة المنورة وسلبها ونهبها
بعد ستين عاما من الهجرة. هؤلاء النواخلة لا يتزوجون إلا من بعضهم ، وتتبدى بينهم
روح السلاح فى كل الأحوال. الكثيرون منهم يعتنقون المذهب الشيعى عند ما يكونون فى
بيارات نخيلهم ، لكنهم يتحولون إلى سنة عند ما يحضرون إلى المدينة. البعض منهم
يعيش فى الضواحى ، وهم يحتكرون مهنة الجزارة ، وقد سمعت أثناء المشاجرات بعض الناس
يسبونهم بأنهم مذهبيون وروافض ، دون أن ينكر أحد منهم هذه السّبّة. فى الصحراء
الشرقية ، وبعد رحلة تقدر بمسير أربعة أيام من المدينة المنورة ، تعيش قبيلة بدوية
كاملة ، يسمونها بنى على ، وهذه القبيلة كلها من سلالة فارسية ، والمدهش أننا نجد
البقعتين الأكثر تشددا فى الدين الإسلامى مطوقتين : إحداهما مطوقة بأتباع زيد ،
والأخرى مطوقة بأتباع على ، دون بذل أية محاولة لزحزحتهما عن مكانيهما.
توجد بين العائلات
القديمة فى المدينة المنورة قلة قليلة من أحفاد العباسيين ، الذين وصلوا إلى حد
الفقر المدقع ، والناس يطلقون عليهم هنا اسم الخالفية ، بمعنى أنهم منحدرون عن
الخلفاء.