هذه الرواية تحتم تتبع مجرى هذه الحمم البركانية على بعد مسير ساعة واحدة شرقى المدينة المنورة ، يضاف إلى ذلك أن البقايا البركانية التى تغطى المنطقة المتاخمة للمدينة المنورة هى والسهل الواقع غربى المدينة المنورة أيضا ، يرجح أنها ترجع إلى فورات بركانية سابقة لذلك البركان ؛ والسبب فى ذلك أن أحدا لم يقل شيئا عن الأحجار التى قذفها ذلك البركان إلى مسافة بعيدة ، أو عن السهل الواقع غربى المدينة المنورة ، والذى يطلقون عليه اسم وادى العقيق ، الذى يبعد حوالى ثلاثة أميال عن المدينة المنورة ، هذا السهل تغطيه البقايا البركانية سالفة الذكر. وأنا لا يخامرنى شك فى حدوث
__________________
ـ ألسنة اللهب رأى العين ، شاهد الناس كتلة هائلة من النار ، كانت على شكل مدينة أو بلدة كبيرة ، لها جدران وفيها حصون ومآذن ، كانت ترتفع فى اتجاه السماء ، وانبثق من بين ألسنة اللهب هذه نهر من النار الحمراء والنار الزرقاء ، مصحوبا بصوت الرعد. كانت الأمواج الحارقة تحمل أمامها صخورا كاملة ، وراحت تكوم تلك الصخور على شكل جبال صغيرة على بعد مسافات قصيرة. كان ذلك النهر يقترب من المدينة المنورة ، لكن العناية الإلهية أرسلت نسيما باردا ، أوقف تقدم النهر عند هذا الحد فى ذلك الجانب.أمضى سكان المدينة تلك الليلة فى المسجد النبوى ، وأدى انعكاس الضوء الناتج عن النار إلى إضاءة الليل وتحويله إلى نهار. تحول مسار ذلك النهر النارى إلى الاتجاه الشمالى ، لينتهى بعد ذلك عند الجبل الذى يسميه الناس جبل ويره ، الذى يقع فى الوادى المسمى وادى الشطحات ، الذى يقع على مقربة من جبل أحد فى الناحية الشرقية [جبل أحد يبعد حوالى ميلين ونصف الميل عن المدينة المنورة]. استمرت تلك النيران طيلة خمسة أيام وبقى النهر مشتعلا طيلة ثلاثة أشهر. لم يستطع أحد أن يقترب من ذلك النهر بسبب الحرارة الشديدة. دمر ذلك النهر الصخور كلها ، لكن (على حد قول المؤرخ) نظرا لأن هذه هى أرض المدينة المنورة المقدسة ، التى أمر فيها محمد صلىاللهعليهوسلم بعدم قطع الأشجار فى نطاق مسافة محددة ، فقد أنقذ ذلك النهر الأشجار التى صادفته فى طريق تقدمه. كان إجمالى طول النهر يقدر بحوالى أربعة فراسخ ، أو إن شئت فقل اثنى عشر ميلا ، وكان عرضه حوالى أربعة أميال ، أما عمقه فكان يتردد بين ثمانية أقدام وتسعة أقدام. امتلأ وادى شطحات عن آخره ، ولا يزال الناس يرون ذلك المكان من ذلك الوادى ، الذى تجمعت فيه الحمم البركانية ، ويطلقون عليه اسم السد. كان الناس يشاهدون ألسنة اللهب من ينبع ومن مكة. استطاع أعرابى من تيماء (تلك البلدة الصغيرة الواقعة فى الصحراء الشمالية الشرقية ، على بعد مسافة تتردد بين مسير ستة أيام وثمانية أيام من المدينة المنورة) كتابة رسالة أثناء الليل فى الضوء المنعكس عن هذه النيران إلى هذه المسافة البعيدة».
«فى هذا العام نفسه ، فاض نهر دجلة فيضانا عارما ، أدى إلى تدمير نصف مدينة بغداد ، وبانتهاء ذلك العام احترق مسجد المدينة المنورة احتراقا كاملا».
كان العرب مستعدين للإقرار بمثل هذا الحريق ؛ لأنهم تذكروا قول محمد صلىاللهعليهوسلم «لن يجىء يوم القيامة ، إلا بعد ظهور حريق فى الحجاز ، وسوف يؤدى ذلك الحريق إلى رؤية رقاب الإبل فى البصرة».