المدينة المنورة ، بحثا عن عينات من المعادن الأرضية ، لكن الأيام الأولى من مقامى فى المدينة المنورة انقضت فى عمل مخطط للمدينة ، وجمع معلومات عن سكانها ، وبعد ذلك وجدت نفسى عاجزا تماما عن القيام بأى مجهود بدنى. اكتشفت بعد عودتى إلى القاهرة ، وعند ما كنت أقرأ وصف المدينة المنورة ، الذى اشتريته من البلدة نفسها (والذى لم أستطع العثور على مثله فى مكة ، كما لم أستطع العثور على وصف لمكة فى الحجاز ، على الرغم من المحاولات التى بذلتها فى ذلك الاتجاه) ، عثرت على تاريخ لزلزال وثورة بركان حدثت فى منطقة قريبة جدا من المدينة المنورة ، فى منتصف القرن الثالث عشر تقريبا ، وبعد أن تحريت ذلك الأمر عرفت من رجل من أهل المدينة المنورة ، كان مقيما فى القاهرة ، أن مكان مجرى الحمم البركانية لا يزال موجودا ، على بعد مسير ساعة فى شرقى المدينة. أذكر أننى أثناء مقامى فى المدينة المنورة ، أبديت لمرافقى ملاحظة ، عن رغبتى فى مصاحبته لى أثناء ذهابى إلى جبل أحد ، وقلت له : إن المنطقة تبدو كما لو كانت أحرقت بالنار ، ولكنى تلقيت منه ردا بلا معنى ، ولم أعثر بعد ذلك فى المدينة على أية إشارة أو معلومة يمكن أن تقودنى إلى افتراض مفاده أنى كنت على وشك الوقوف على ظاهرة طبيعية مهمة جدا.
وأنا أرى أن مسألة إدراج بعض المقتطفات من ذلك الكتاب الذى سبقت الإشارة إليه ، والتى تتصل بمسألة ثورة البركان ، أمر جدير باهتمام القارئ ، ولذلك فأنا أورد هذه المقتطفات (*).
__________________
(*) «فى غرة شهر جمادى الآخرة ، من عام ٦٥١ ه أحس الناس بزلزال خفيف فى المدينة ، وفى اليوم الثالث من الشهر نفسه ، حدثت هزة أخرى أكثر قوة ، وكان ذلك عند الساعة الثانية صباحا ، واستيقظ سكان المدينة على هزات عنيفة متكررة ، وتزايد عنف هذه الهزات طوال فترة الصباح ، واستمرت تلك الهزات على فترات متقطعة إلى يوم الجمعة الموافق اليوم السادس من شهر جمادى الآخرة. تداعى كثير من المنازل والجدران. فى صباح يوم الجمعة سمع الناس صوت رعد شديد. وعند الظهر اشتعلت النار. من المكان الذى انبعثت منه النار من الأرض ، ارتفع الدخان فى بداية الأمر وأدى إلى إظلام السماء إظلاما تاما. فى الناحية الشرقية من المدينة ، وفى أواخر النهار ، كان الناس يرون ـ