ولكن مؤرخ المدينة المنورة يأتى على ذكر مائة وثلاثين صنفا من هذه التمور ، والجبلى واحد من هذه الأصناف ، وهو أرخص هذه الأنواع ، وأنا أعتقد أن هذا الصنف من التمور هو الأكثر انتشارا وشيوعا فى منطقة الحجاز ، والحلوة صنف آخر من هذه التمور ، وهناك أيضا الحلية ، وهو نوع صغير جدا من التمور ، ولا يزيد حجم الواحدة منه على حبة التوت ، وقد اشتق اسم هذا النوع من التمور من حلاوته المفرطة الزائدة عن الحد ، التى تضارع حلاوة التين الذى يأتى من سميمة ، وهذا النوع من التمر شبيه بتين سميمة الذى تتكون له قشرة سكرية عند ما يجف. سكان المدينة المنورة يروون أن محمدا صلىاللهعليهوسلم أحدث معجزة بذلك الصنف من التمر ؛ فقد غرس محمد صلىاللهعليهوسلم نواة من نوى ذلك التمر ، فى الأرض ، وعلى الفور نمت تلك النواة وأصبح لها جذر ، وكبرت ، وأثمرت أمامهم ، كل ذلك خلال خمس دقائق ، وأمام أعينهم ، وهناك معجزة أخرى يحكى الناس عنها ، وأنها خاصة بذلك النوع من التمور الذى يسمونه السيهانى ، وأن نخلة من ذلك النخيل خاطبت النبى صلىاللهعليهوسلم بصوت عال قائلة «سلام عليكم» عند ما مر عليها ، وتمر البرمى هو أصح هذه الأنواع ، نظرا لأنه أسهل أنواع التمور هضما ؛ هذا الصنف من التمور كان مفضلا عند (سيدنا) محمد صلىاللهعليهوسلم ، الذى نصح العرب بأكل سبع حبات منه كل صباح قبل تناول الإفطار. وتمر الجلبى هو أشد هذه التمور ندرة ، ويصل طول الواحدة منه حوالى ثلاث بوصات ، أما عرضها فيصل إلى ما يقرب من بوصة واحدة ، وله مذاق مقبول تماما على الرغم من أنه ليس بدرجة حلاوة تمر الحلية ، ويبدو أن هذا الصنف من التمور ينمو بصعوبة بالغة ؛ إذ لا يوجد من أشجاره أو بالأحرى نخيل هذا الصنف سوى مائة نخلة فقط ، على أكثر تقدير ، لذا فإن هذا النوع من النخيل أقل خصوبة من الأنواع الأخرى. هذا النوع من النخيل لا ينمو فى أى مكان آخر فى الحجاز ، لكنه ينمو هنا فى المدينة المنورة وفى بيارات ينبع النخل ، وسعر تمر البرمى يقدر بعشرين بارة للكيلة الواحدة ؛ والكيلة مكيال يقدر بحوالى مائة وعشرين تمرة ، فى حين يباع تمر الجلبى بواقع عشرين بارة لكل ثمانى تمرات ، وتمر الجلبى عليه طلب كبير من الحجاج ، الذين يقدمونه هدايا لأصدقائهم باعتباره قادما من مدينة النبى صلىاللهعليهوسلم ، ويجرى تعبئه