الحجارة السائبة
يطلقون عليه اسم قبر الرفيق. وروى لى مرشدى الرواية التالية عن ذلك المبنى : فى
القرن الماضى حدث أن كان بدوى عائدا من الحج ، فانضم إليه بعد بوابات مكة مسافر
على الطريق نفسه الذى كان يسلكه ذلك البدوى ، وصلا سويا إلى هذا المكان ، وعندها
أحس واحد منهما بالمرض الشديد الذى جعله عاجزا عن مواصلة السير أكثر من ذلك ، وفى
اليوم التالى ظهر مرض الجدرى منتشرا فى سائر أنحاء جسمه. لم يكن رفيقه على استعداد
لتركه فى هذا الحال أو التخلى عنه ، فقام ببناء كوخين من فروع أشجار السنط أحدهما
لصديقه والآخر له ، واستمر الرجل يمرض صديقه المريض ويرعاه ، ويطلب الصدقات من
المارين لذلك المريض إلى أن شفاه الله تماما. لكن فى المقابل سقط ذلك الصديق مريضا
إذ أصابه الجدرى هو الآخر ، وراح ذلك الصديق المتعافى يمرض صديقه المريض بنفس
العطف والحنان اللذين لقيهما من صاحبه ، على الرغم من أن الشفاء لم يكن بالقدر
نفسه ، فقد مات الرجل ودفنه صديقه فى هذا المكان ، حيث يعد قبره تذكارا لكرم البدو
، ويوحى بالشفقة والإحسان إلى الرفاق العشوائيين على الطرق.
بعد حوالى ساعة
ونصف الساعة من الصعود ، وصلنا إلى بعض الأكواخ المبنية بين الصخور بالقرب من عين
غزيرة الماء ، هذه الأكواخ يسميها الناس هنا قهوة قورة ، وهذا الاسم مشتق من
الجبال التى يطلق عليها اسم جبال قورة ، التقيت هنا أحد الجنود الأتراك كان مكلفا
بنقل مؤن لجيش الباشا عبر الجبل ، ولما كان هذا هو أقصر الطرق الواصلة بين مكة
والطائف ، فذلك يجعل القوافل فى حركة دائمة على هذا الطريق. هذا يعنى أن أحمال
الإبل يجرى إنزالها فى هذا المكان ، ثم يجرى نقلها بعد ذلك إلى قمة الجبل باستعمال
البغال والحمير ، التى يجرى الاحتفاظ بمائتين منها فى هذا المكان. إبل الجبل يجرى
إعدادها لنقل الأحمال إلى الطائف ، يضاف إلى ذلك أن الطريق الشمالى البعيد المؤدى
إلى الطائف ، الذى سوف أتحدث عنه فيما بعد ، طريق مطروق وصالح لسير الإبل ، لكن
مشكلة هذا الطريق أن السير فيه يستغرق يوما أكثر من الطريق المعتاد.