الصراعات ، وأنها كانت تنجح فى سهولة ويسر فى إخماد تلك العربدات والقضايا وإسكاتها. وهذا هو المرحوم السلطان سليم ، عندما أدخل هذا النظام من جديد ، اضطر إلى محاباة المسيحيين ، وأن هذا الأمر لم يلق معارضة من شعبه ، ولكن الانكشارية الحاقدين الحاسدين هم الذين كانوا يعارضون هذه المحاباة ، ونجد أيضا أن هؤلاء الانكشارية عندما أصبحت لهم اليد العليا غاص أعيان إسطنبول وكبراؤها فى المذهب السنى من جديد. وفى بعض الأحيان كنا نجد متهورا ، أو شيخا مجنونا ، أو درويشا من الدراويش ، يثبت وهو على رأس مجموعة من الأتباع أنه يعد استثناء من الأحكام العامة سالفة الذكر ، ويروح يلعن ويسب مسيحيا من أولئك الذين يحظون تماما بمحاباة السلطات العامة لهم ، مثلما حدث فى دمشق فى العام ١٨١١ الميلادى ، للبطريارك اليونانى بعد خلع يوسف باشا من منصبه ، ولكننا نجد على الرغم من ذلك ، أن إخوانه المواطنين الذين يحظون بالمبادئ نفسها ، وتفيض أنفسهم بالقسوة ، كانوا عاجزين عن التعبير عن مشاعرهم ، أو الحذو حذو ذلك الولى. هذا يعنى أننا لا نجد حاليا فى دول الشرق شيئا من تلك الاضطرابات السياسية الشعبية ، التى كانت تسود أوروبا فى كثير من الأحيان ، عندما كان القائمون على أمر الكنيسة يلاحظون بعض الأفراد الذين يحاولون توسيع نفوذهم. وأيا كانت نظرتنا الأخلاقية إلى مثل هذه الأمور ، فإننا يتعين علينا احترام طاقة ذلك الإنسان الذى يدخل على الفور فى صراع حول مسألة غير محددة ، وتكون لها آثار سيئة على مصالحه الدنيوية ، متخيلا أو معتقدا أن واجبه الدينى هو الذى يتحكم فى وجوده. مسلم الإمبراطورية التركية ، على حد معرفتى ، يسهل عليه إخفاء مشاعره وسترها ، كما يسهل عليه أيضا إخفاء عواطفه وانفعالاته ، ويسهل عليه أيضا ستر ما يمليه عليه ضميره ، بل وستر وإخفاء كل ما يرى أنه يتفق ومشيئة الله ، كل ذلك من أجل تحقيق مصالحه ، أو تمشيا مع السلطة الحاكمة أو تأسيا بها.
أثناء حكم الشريف كان المسيحيون تساء معاملتهم فى جدة ، ولم يكن مسموحا لهم بارتداء الملابس الأوروبية ، أو الاقتراب من ذلك الحى الواقع فى اتجاه بوابة مكة.