من سور القرآن ، التى نسميها السورة الرابعة والتسعين التى تبدأ بقوله سبحانه وتعالى : «ألم نشرح لك صدرك؟» ـ السورة السابقة تشير أيضا إلى حال حزنه. يوجد على مقربة من هذا المكان تجويف صغير فى حجر الصوان أحمر اللون ، الذى يشكل الطبقة العليا من هذا الجبل ، هذا التجويف يطلقون عليه اسم مغارة الحيرة (*). يقال أيضا إن أجزاءا أخرى عدة من القرآن نزلت على محمد صلىاللهعليهوسلم فى هذا المكان المرتفع الذى كان يأوى إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لكن أحدا من الموجودين لم يستطع أن يحدد لى تلك الأجزاء. خدم هذين المكانين من بدو قبيلة اللهيان.
كنت قد غادرت مكة مشيا على الأقدام بصحبة مجموعة كبيرة من الحجاج ، لزيارة هذا المكان الذى جرت العادة أن تكون فى أيام السبت ، ووصلنا قمة الجبل قبل طلوع الفجر ، وعندما طلعت الشمس ، كشف منظر مترام عن نفسه أمامنا ، وكان يمتد شمالا وغربا ، أما النقاط الأخرى فكانت تحدها الجبال. منظر المنطقة التى أمامنا موحش وقفر ، وليس فيه من الخضرة شىء ، تلال قاحلة جرداء سوداء اللون ورمادية اللون أيضا ، ووديان رملية بيضاء اللون ، هذا كله هو ما تراه عيناى ، فوق منحدر الجبل ، وعلى مقربة من قمته ، يوجد خزان حجرى صغير ، جرى إنشاؤه لتزويد الزائرين بالماء. كان ذلك الخزان جافا عندما رأيته ولم يكن مصانا صيانة جيدة.
جبل ثور. على بعد ساعة ونصف الساعة من مكة (المكرمة) ، وعلى يسار الطريق المؤدية إلى قرية الحسينية ، يوجد جبل عال يحمل هذا الاسم ، ويقال إن هذا الجبل أعلى من جبل النور ، على قمة هذا الجبل يوجد تجويف أو غار لجأ إليه محمد صلىاللهعليهوسلم هو وصديقه أبو بكر هربا من المكيين قبل فراره صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة (المنورة) كان العنكبوت
__________________
(*) فى زمن العرب الوثنيين كان الناس يطلقون على هذا الجبل اسم جبل الحيرة ، وأنا أضيف هنا أن كثيرا من جبال الحجاز ووديانها فقدت أسماءها القديمة. وهذا ما تؤكده الملاحظات الطبوغرافية الكثيرة التى أوردها الأزرقى ، وهو من مؤرخى المدينة المنورة ، وكذلك الملاحظات الطبوغرافية التى وردت أيضا عند الزمخشرى ، فى كتابه القيم المعنون الميات أو الجبال.