جبل أبو قبيص ؛ هذا واحد من أعلى الجبال القريبة من مدينة مكة ، ويشرف على المدينة من ناحية الشرق. والحديث (الشريف) يقول : إن جبل أبو قبيص هو أول جبل خلق على سطح الأرض ، هذا الاسم موجود فى كتب التاريخ العربى كلها وعند معظم الشعراء ، الحجاج يزورون مكانين مختلفين على قمة هذا الجبل ؛ المكان الأول يسمونه مكان الحجر الذى اعتاد (سيدنا) عمر بعد أن تولى الخلافة ، أن يدعو الناس منه إلى أداء الصلاة ، خلال سنوات الإسلام الأولى ، يوم أن كان السواد الأعظم من القرشيين ، أو إن شئت فقل : سكان مكة ، يعبدون الأصنام ، هنا فى هذا المكان يوجد تجويف محفور فى إحدى الصخور ، يشبه قبرا صغيرا ، يقال إن الله سبحانه وتعالى أمر ملائكته ، أثناء الطوفان ، أن يضعوا الحجر الأسود فى ذلك التجويف ، ذلك الحجر الذى كانوا يوقرونه ويجلونه قبل أن يبنى (سيدنا) إبراهيم الكعبة بزمن طويل ، وإن الله سبحانه وتعالى جعل الصخرة تنطبق على ذلك الحجر ، حتى لا يمسه الماء ، وإن جبريل بعد انحسار الطوفان فلق الصخرة ، وأعاد الحجر ثانية إلى موقع الكعبة. المزار الثانى ، يوجد عبر واد ضيق ، على بعد مسافة قريبة من المزار الأول ، وعلى قمة جبل أبو قبيص أيضا ، هذا المزار يسمونه شق القمر المكى ، أو إن شئت فقل المكان الذى انشق فيه القمر ـ إحدى معجزات محمد صلىاللهعليهوسلم ـ ومع ذلك ، نجد أن قصة انشقاق القمر هذه يرويها المكيون بطريقة مختلفة ، وهم يقولون : إنه عندما كان محمد صلىاللهعليهوسلم يصلّى هنا فى وقت الظهيرة ، جاءه القرشيون الأوائل الكفار وطلبوا إليه أن يقنعهم على الفور ببعض معجزاته (*) ، التى تثبت فعلا أنه نبى الله. رد عليهم قائلا : «ما ذا تريدوننى أن أفعل كى أجعلكم مؤمنين صادقين؟ قالوا : اجعل الشمس تغرب ، واجعل القمر والنجوم تظهر ، اجعل القمر يهبط إلى الأرض ، ويجىء إلى هذا الجبل ، ويدخل فى كم من أكمام جلبابك ، ويخرج من الكم الآخر ، ثم يعود إلى السماء ، ثم اجعل ضوء النهار يطلع
__________________
(*) يسجل المؤرخون أن محمدا صلىاللهعليهوسلم بناء على رغبة بعض القرشيين الكفار ، جعل البدر يظهر كما لو كان منشقا ، لدرجة أن نصف القمر كان مرئيا خلف جبل أبو قبيص ، والنصف الثانى مرئيا فى الجانب المقابل من العالم (الكون) فوق جبل قيقعان.