هؤلاء الزنوج يقيمون فى مكة ، ونساؤهم يقمن بعمل مشروب مسكر يصنعنه من الذرة ، ويسمونه البوظة ، التى يغرم بها أحط سكان المدينة ، وكما سبق أن قلت : فقد اتخذت من المسفلة سكنا لى عندما عدت من جدة ، سكنت فى بداية الأمر فى منزل واحد من المغربين ، ثم انتقلت بعد ذلك إلى منزل أحد التجار اليمنيين القريب من المنزل السابق. كان التاجر الذى استأجرت منه السكن من أهل صنعاء فى بلاد اليمن ، وكان يتخذ من الطوافة مهنة له ، وكان يسكن فى الطابق الأول من المنزل ، الذى انتقل فيه ، أثناء مقامى ، وفى ركن من أركان الطابق الأرضى ، كانت الأجزاء الأخرى من المبنى مأهولة بالسكان الذين جاءوا لأداء فريضة الحج ، كما كان يسكن فى المنزل أيضا أحد فقراء بلاد الأفغان ، أو بالأحرى منطقة السليمانية ، مثلما يسميها الناس فى الوقت الراهن ، كما كان فى المنزل أيضا ساكن أو حاج من الجزر اليونانية. فى منزل التاجر اليمنى ، وجدت نفسى بين جماعة من الحجاج المغربيين الذين من أمة البربر ، أو إن شئت فقل : من الشلهى ، الذين جاءوا إلى مصر عن طريق البحر. توجد فى هذا الجزء من المدينة قلة قليلة من المنازل التى لا يمكن الالتقاء فيها بذلك الخليط البشرى.
يوجد فى الناحية الجنوبية من المسفلة خان كبير مدمر ، لا بد أنه كان حقيرا حتى عندما كان جديدا ، كان ذلك الخان مخصصا لإعاشة قوافل الحجاج وإقامتها ، التى كانت تصل من قبل من اليمن عن طريق البر ، بالسير بمحاذاة ساحل البحر ، وجاءت قافلة حجاج يمنية أخرى قادمة إلينا من الجبال.
عند الخروج من مكة من هذا الجانب ، نجد برجا من أبراج المراقبة مقاما فى السهل وشبيها بتلك الأبراج المقامة عند مدخل جرول ، ونجد هنا أيضا واديا واسعا يفضى معه هنا ، وفى اتجاه الجنوب ، إلى قرية الحسينية ، التى تبعد مسير ساعتين أو ثلاث ساعات ، والتى يوجد فيها بعض من النخيل. الشريف غالب له فى هذه المنطقة استراحة صغيرة فيها بيت ريفى ، وله أيضا فى هذا المكان قطيع من الجاموس جرى جلبه من مصر ، لكن حال هذا القطيع ليس على ما يرام. وهنا طريق