سؤال : سهل الله لك طريقك! لكنى أرى أن سفرك الكثير على هذا النحو يعد نوعا من الحماقة والجنون ، دعنى أسألك ، ما ذا كانت نتيجة رحلتك السابقة؟
جواب : مصائر الناس وأقدراهم محددة ، ونحن جميعا نتبع أقدارنا. وأنا شخصيا أجد متعة فى استكشاف بلدان جديدة وغير معروفة ، وأجد متعة أيضا فى تعرف أعراق مختلفة من البشر. أنا متيم بالقيام بالرحلات من باب الإشباع الشخصى الذى أجده فى الأسفار والترحال ، وبالتالى أنا لا أعير متاعبى الشخصية اهتماما.
سؤال : هل وصلتك أخبار من أوروبا؟
جواب : وصلتنى بعض التقارير المقتضبة عندما كنت فى جدة.
وهنا حكى لى الباشا الأحداث التى أسفرت عن نفى بونابرت إلى جزيرة إلبا بعد دخول الحلفاء باريس. قال الباشا : لقد تصرف بونابرت تصرف الجبناء ، لقد كان أحرى به أن يسعى إلى الموت بدلا من بقائه معروضا فى قفص والعالم يضحك منه سخرية واستهزاء. ثم أضاف : إن الأوروبيين خونة أكثر من العثمانيين ، لقد تخلى أصدقاء بونابرت عنه ، لقد تخلى عنه كل قواده الذين هم مدينون له بثرواتهم.
كان محمد على باشا يتطلع من خلال تساؤلاته إلى معرفة العلاقات السياسية بين بريطانيا العظمى وروسيا ، ومعرفة احتمال نشوب الحرب بينهما ، بسبب نوايا روسيا العدوانية تجاه الباب العالى (كان محمد على باشا قد تلقى معلومات استخباراتية غير صحيحة حول هذا الموضوع). كانت مخاوف محمد على تتركز فى أن الجيش الإنجليزى ، الذى جرى استخدامه فى جنوب فرنسا وإسبانيا أصبح خاليا وبلا عمل ويمكن استعماله فى غزو مصر. قال محمد على «السمك الكبير يبتلع السمك الصغير ، ومصر ضرورية ومهمة لإنجلترا ، وبخاصة فى إمداد مالطة وجبل طارق بالقمح». تناقشت مع محمد على باشا نقاشا موضوعيا حول هذا الموضوع ، لكن ذلك النقاش جاء بلا طائل ، كما لاحظت أيضا أن المترجم لم يكن يترجم إجاباتى ترجمة دقيقة ، وذلك من باب التخوف من معارضة آراء سيده وأفكاره الشهيرة المعروفة للجميع. هذه