من كتبهم جميعا إلا ما نقله عنهم الكتاب المتأخرون وخاصة الطبري والبلاذري
والجاحظ ، فأما الطبري (ت ٣١٠ ه) فإن كتابه تاريخ الرسل والملوك ذو أهمية في
دراسة التاريخ الإسلامي ، إذ قدم مادة واسعة عن أحداث القرنين الأول والثاني
للهجرة ، وذكر غزو عرب البحرين لبلاد فارس ، وغزو سابور الثاني (ذو الأكتاف)
للبحرين ونتائجه ، وفيه أيضا مادة قيمة عن انتشار الإسلام في البحرين والمراسلات
بين الرسول صلى الله عليه وسلم وسكان البحرين ووفود عبد القيس ، كما يحوي الكتاب
إشارات قليلة مهمة عن الحياة الاقتصادية والسكان والإدارة وحركة الخوارج. وقد
اعتمد الطبري على سيف بصورة خاصة ، كما نقل أيضا عن أبي مخنف والواقدي وابن إسحاق
وعن مصادر أخرى لا يذكر أسماءها ويشير عند النقل عنها بكلمة «قالوا». وقد حفظ
الطبري كثيرا من كتابات المؤرخين الأولين مع رواتها ومصادرها ، وأورد الروايات
المختلفة عن كل حادثة ، واهتم بضبط تواريخ الحوادث ، وما أورده الطبري من معلومات
عن هذه الفترة كان المصدر الرئيس لمن تلاه من المؤرخين وخاصة ابن الأثير وابن كثير
وابن خلدون الذين اكتفوا في الغالب بتلخيص ما جاء في الطبري مضيفين إليه بعض
الأخبار وحاذفين الروايات المتكررة ، مكتفين في الغالب بواحدة مع حذف رجال السند.
أما البلاذري (ت ٢٧٩ ه) فقد رتب كتابه «فتوح البلدان» على أساس الأقاليم
والمقاطعات ، ورتب كتابه الآخر «أنساب الأشراف» على أساس الأسس وشخصياتها البارزة
، وقد أورد فيما كتبه عن البحرين في كتابه «الفتوح» معلومات قيمة وإن كانت مختصرة
عن العلاقة بين البحرين والفرس ، والسكان ، والعقائد ، والأحوال الاقتصادية ،
وكذلك عن انتشار الإسلام في البحرين والمراسلات بين الرسول صلى الله عليه وسلم
وأهل البحرين ، وعن الأحوال