ونزل بالمدرسة (٢٨١ ـ و) النظامية وتفقه بها على مذهب الشافعي ، ثم انه صحب شيخنا عمر بن محمد السهروردي ، وسكن برباط الزوزني وترك الفقه وسلك طريق الزهد والخلوة والرياضة والمجاهدة وأقام على ذلك مدة ثم أنه سافر مع شيخه الى الشام لما أرسل اليها من الديوان ، واتصلت له معرفة بالوزير ابن مهدي العلوي ، فندبه الى خدمته ، فرفض ما كان فيه ، وصار وكيلا له على أمواله ، ولبس الحرير وارتفعت درجته وعلا جاهه ، ولم يزل على ذلك الى أن صرف ابن مهدي عن الوزارة فعاد الى صحبه الصوفية ولباسهم ، الى أن ندب للتنفيذ في الرسائل من الديوان العزيز الى الملوك والأطراف ، فأنفذ الى خوارزم شاه محمد بالعراق ، ورأيته بأصبهان ثم نفذ الى الشام ومصر وبلاد الروم مرات ، والى بلاد فارس ، ورتب شيخا برباط الأرجوانية بدرب زاخي ، ثم بالرباط الناصري المجاور لتربة الجهة السلجوقية ، وكان رجلا من الرجال فيه فضل ، وله معرفة وأخلاق حسنة ، ومرض وطال مرضه ، وضعفت قواه ولم تفته صلاة الى حين وفاته ، توفي ليلة السبت السادس والعشرين من المحرم سنة سبع وثلاثين وستمائة وصلى عليه من الغد بالرباط ، ودفن بالشونيزية ، وأظنه بلغ الستين أو جاوزها بقليل ولم تكن له رواية للحديث ولا عناية به.
قلت : وقد حدث بدمشق عن الحافظ أبي موسى محمد بن عمر الأصبهاني ، وأبي الفرج ثابت بن محمد بن أبي الفرج البديلي الحافظ.
سعد بن أبي سالم الحلبي :
شاعر من أهل حلب ظفرت له بقصائد (٢٨١ ـ ظ) يمدح بها أهل البيت رضوان الله عليهم ، منها :
هم قصد منهاج السراط المقوم |
|
ونفس نفيس العلم من كل محكم |
هم العالم العلوي والجوهر الذي |
|
تصفى وبسط النور في العالم العمي |
وخزّان علم الله والنبأ الذي |
|
تضمنه وصف الكتاب المكرّم |
صفوا من صفا ماء الصّفا |
|
وتجوهروا فليس لهم في عالم الكون من سمي |