أدركني فقد نازلني الوقار ، وأشر عليّ بمن أستنيبه (٢٢٧ ـ و) في إيراد شعري ، فما يجمل بمثلي إيراده بعد الوقار.
أخبرني عز الدين أبو حفص عمر بن علي بن دهجان البصري المالكي ببغداد قال : حدثني أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي سعيد الأنباري بالبصرة ، أن أبا الفوارس الحيص بيص قال : إنه دخل حلب ، وأنه مضى إلى بعض نواحيها يمدح أميرا من أمراء العجم ، وكان لا يعرف الأمير بالعربية ، فمدحه مع جماعة من الشعراء ، وحضروا عنده وحضر معهم رجل ادعى أنه شاعر ، فلما أنشد الجماعة أشار الحاجب إلى ذلك الرجل أن ينشد ، فأدخل يده في كمه وأوهم أن فيه قصيدة ، وأنها سقطت منه ، فقال له الحاجب : أما معك شيء تنشده؟ فأنشد :
قفا نبك من ذكرى حبيب وأخواجا |
|
بسقط اللوى بين الدخول وأخواجا |
ومضى على أبيات منها ختم كل بيت بقوله أخواجا ، والحاجب يستحسن ذلك منه في كل بيت ، والأمير يزهزه له ويفهم منه أن أخواجا هو السيد ، فلما فرع من الانشاد قال يخاطب الحاجب :
ألا أيها الآتي بخير ونعمة |
|
لك النصف لا تحرد فيفطن أخواجا |
فقال الحاجب : بل تضاعف لك الجائزة ، وأمر له الآمير بجائزة حسنة فقاسه عليها الحاجب.
أنبأنا أبو عبد الله بن النجار قال : قرأت في كتاب أبي بكر عبيد الله بن علي بن المارستاني بخطه قال : مات الحيص بيص يوم الثلاثاء خامس من شعبان سنة أربع وسبعين وخمسمائة وصلي عليه من الغد بالنظامية (٢٢٧ ـ ظ) ولم يعقب ، وكان مولده في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.
قال ابن النجار : سمعت أبا الفتوح بن الحصري بمكة يقول : توفي ابن الصيفي في ليلة الأربعاء سادس شعبان سنة أربع وسبعين وخمسمائة ، ودفن في مقابر قريش