القاسم علي بن يعقوب بن (٢١٨ ـ ظ) أبي العقب قال : أخبرنا أبو عبد الملك أحمد ابن ابراهيم قال : حدثنا محمد بن عائذ قال : قال الوليد : وأخبرني غير واحد أن طاغية الروم لما رأى ما صنع الله للمسلمين منعه مدائن الساحل ، كاتب أنباط جبل لبنان ، واللكام ، فخرجوا جراجمة ، فعسكروا بالجبل ، ووجه طاغية الروم فلقط البطريق في جماعة من الروم في البحر ، فسار بهم حتى أرسى بهم بوجه الحجر ، وخرج بمن معه حتى علا بهم على جبل لبنان ، وبثّ قواده في أقصى الجبل ، حتى بلغ أنطاكية وغيرها من الجبل الأسود ، فأعظم ذلك المسلمون بالساحل ، حتى لم يكن أحد يقدر يخرج في ناحية من رحا ولا غيرها إلّا بالسلاح.
قال الوليد : فأخبرنا غير واحد من شيوخنا أن الجراجمة ، غلبت على الجبال كلها من لبنان وسنير وجبل الثلج وجبال الجولان ، فكانت باسنبل (١) مسلحة لباقي الزهاد ، وعقربا الجولان مسلحة حتى جعلوا ينادون عبد الملك بن مروان ، من جبل دير المران (٢) من الليل ، حتى بعث إليهم عبد الملك بالأموال ليكفوا حتى يفرغ لهم ، وكان مشغولا بقتال أهل العراق ، ومصعب بن الزبير وغيره.
قال : ثم اكتب عبد الملك الى سحيم بن المهاجر في مدينة اطرابلس ، يتواعده ويأمره بالخروج اليهم ، فلم يزل سحيم ينتظر الفرصة منهم ، ويسأل عن خبرهم وأمورهم ، حتى بلغه أن فلقط في جماعة من أصحابه في قرية من قرى الجبل ، فخرج سحيم في عشرين رجلا ، من جلداء أصحابه ، وقد تهبأ بهيئة الروم في لباسه وهيئته ، وشعره وسلاحه ، متشبها ببطريق من بطارقة (٢١٩ ـ و) الروم ، بعثه ملك الروم الى جبل الكلام في جماعة من الروم ، فغلب على ما هنالك ، فلما دنا من القرية خلّف أصحابه وقال : انتظروني إلى مطلع كوكب الصبح ، فدخل على فلقط وأصحابه ، وهم في كنيسة يأكلون ويشربون ، فمضى الى مقدم الكنيسة ، فصنع
__________________
(١) في معجم البلدان : سنبل وسنبلان : من بلاد الروم.
(٢) دير مران قرب خانق الربوة خارج دمشق حيث بناء قصر تشرين الحديث.