ولمّا بها شط الفريق عن الحمى |
|
وأبعد عن اجراعه الميث (١) دارها |
ولم أر منها جوّه وهو مشرق |
|
بشمس ضحى يحكى الهلال سوارها |
أطلت وقوفي في الطلول ولو عتى |
|
يضرم ماء الدمع في الصدر نارها |
ديار على آثارها لي تشوق |
|
أجد صباباتي بها وأثارها |
عهدت بها الشمس التي لو جمالها |
|
تغير به شمس الضحى لأغارها |
فتاة فتات المسك تهتك في الدجى |
|
إذ زارت الصب الكئيب استتارها |
تشد على البدر المنير نقابها |
|
وترخي على الغصن النضير إزارها |
ومن بعد أيام أطال وصالها |
|
إليّ بها روحاتها وابتكارها |
وجدت الليالي بالهموم طويلة |
|
على مهجتي لما عدمت قصارها |
ومن لي بأن يعتاد طرفي رقاده |
|
عسى طيفها في النوم يدني مزارها |
ويا حبذا بالرقمتين خمائل |
|
همي الغيث فيها ليلها ونهارها |
وأضحى بها مرّ النسيم مريحا |
|
بدار الندى حوذانها (٢) وعرارها |
وخلنا بها دارين إذ بهبوبه |
|
من الزهر المطلول فتق فارها |
وضوّع فيها ذلك الروح مندلا |
|
فهل مدح الغازي الغياث استعارها |
توفي سالم بن سعادة بحلب في سادس عشر جمادى الأولى من سنة (١٦٦ ـ و) ثمان عشرة وستمائة.
سالم بن سلمان بن عبد الله الحموي :
أبو المحاسن الشافعي روى عنه الحافظ أبو المواهب الحسن بن صصرى انشادا خرجه في معجم شيوخه الذي شاهدته بخطه ، وقال : أنشدنا أبو المحاسن الشافعي رحمه الله وغيره لبعضهم :
أمر على أبوابكم أرتجي الشفا |
|
وأندب ربعا للطلول وقد عفا |
وأندب أياما لنا ولياليا |
|
وأبكي عليها حسرة وتلهفا |
وكان سراج الوصل يزهر بيننا |
|
فهبت به ريح من البين فانطفا |
__________________
(١) يقال مثت الشيء : اذا خلطته في الماء. النهاية لابن الأثير.
(٢) الحوذان نبت واحدتها حوذانة ، والحوذانة بقلة من بقول الرياض لها نور أصغر طيب الرائحة. معجم أسماء النباتات.