ما تحب من حوائجك قال : حاجتي يا أمير المؤمنين أن تحب الفضل ابني ، قال : ويحك إن المحبة لا تقع ابتداء وإنما تقع بأسباب قال : قد أوجدك الله السبيل إليها قال : وما ذاك؟ قال : تنعم عليه فإذا أنعمت عليه أحبك ، فإذا أحبك أحببته قال : فقد والله حببّته إليّ قبل أن يقع من هذا شيء ، ولكن كيف اخترت له المحبة من بين سائر الأشياء؟ قال : لأنك إذا أحببته كبر عندك صغير إحسانه وصغر عندك كبير اساءآته وكانت حاجاته عندك مقضية وذنوبه عندك مغفورة.
قال الجهشياري : وكانت وفاه المهدي والهادي مقيم بجرجان وهرون مع المهدي في عسكره ، وقد كان الربيع قام بأمر البيعه ببغداد ، وشغب الجند عليه وأحرقوا بابه ولقي منهم شرا إلى أن (٥١ ـ و) أعطاهم أرزاق ثمانية عشر شهرا وسكنهم إلى أن ورد مولى الهادي ، وقد كان موسى عتب على الربيع من أجل ما أطلقه من المال واستكثره ولأن الخيزران وجهت إليه وإلى يحيى بن خالد ، فأما الربيع فدخل إليها ، وأما يحيى فامتنع من ذلك ، وقال : أعرف الهادي غيورا وأكره الاقدام على الدخول إلى والدته فعتب على الربيع في دخوله ، وأحمد من يحيى امتناعه ، فوجه الربيع بابنه الفضل متلقيا له إلى همذان وحمل معه ألطافا وهدايا وأمره بالاعتذار إليه مما أنكره وتعريفه السبب الداعي إليه فقبل هداياه ورجع له ، وتجاوز عن زلته وقلده وزارته وتدبير أموره ، وما كان عمر بن بزيع يتولاه من دواوين الأزمه.
قال : وحكي أن الربيع لما لقيه شرع في الاعتذار إليه مما أنكره فقال : لا حاجة بك إلى الاعتذار قد كفاك الصفح منا مؤونته ، ثم صرف الربيع عن الوزارة وقلدها ابراهيم بن ذكوان الحرّاني الأعور ، صاحب طاق الحراني وأقرّ الربيع على دواوين الأزمة ، فلم يزل عليها إلى أن توفي في سنة تسع وستين ومائة ، وكانت وفاته وسنّه ثماني وخمسون سنة ، وصلى عليه الرشيد وهو ولى عهد.
أنبأنا أبو اليمن الكندي وغيره قالوا : أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي إذنا عن أبي غالب بن بشران قال : أخبرنا أبو الحسين المراعيشي وأبو العلاء الواسطي قالا : أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال : وكان المهدي يوم توفي ابن ثلاث